كربلاء.. ملتقى ثقافي جامعي برعاية العتبة الحسينية تيمّناً بولادة الزهراء عليها السلام

شهدت جامعة الزهراء التابعة للعتبة الحسينية اقامة الملتقى الثقافي الاول، بمناسبة ولادة الزهراء عليها السلام اقتداءً بنهجها وسيرتها الشريفة.

وأكد ممثل المرجعية الدينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال كلمة ألقاها في افتتاح الملتقى على" اهمية اقتداء النساء بسيرة السيدة الزهراء عليها السلام، واتّباع نهجها في مواجهة التحديات الفكرية والعقائدية في مجتمعاتنا, مقدماً عدة توصيات خص بها جامعة الزهراء وبقية الجامعات قائلاً" ما هي نظرتنا الى سيرة الزهراء عليها السلام ومقومات عظمتها ومنزلتها, هل هي نظرة التراث؟ وعادةً التراث يرتبط بالماضي على انه تراث حضاري للأمة ساد في فترة من الزمن, ولم يعد يتلائم مع زماننا هذا وحداثته والتطور الحياتي, اذاً فلننظر اليه على انه منهج حياة ارتبط بذات الانسان وفطرته, ووظيفته الاساسية في الحياة كخليفة لله تعالى في الارض, فهو منهج متكامل للحياة وحاجتنا اليه ضرورة حياتية لا تنفك عن الانسان بل هي اهم ضرورات حياته.

وأضاف ممثل المرجعية العليا" فلنتعلم من سيرة الزهراء النهج الواضح لكيفية اداء المرأة وخصوصا صاحبة الفكر والعقل والعلم والمبادئ, وكيفية اداء المرأة في صنع الحياة والتي تتناسب في كونها شريكة اساسية للرجل, في مهمة عظيمة وأمانة خطيرة والتي أبت السماوات والارض والجبال ان يحملنها وحملها الانسان رجلاً وامرأة ألا وهي استخلاف الله تعالى في الارض, فلقد كرّم الله تعالى المرأة بأن جعلها تُشاطر الرجل مسؤولية هذا الاستخلاف.

وتساءل الكربلائي" ولكن كيف يتأتى لها ذلك؟ هنا نحن امام تحدي خطير فالاستخلاف يعني تعمير الارض بالعلم والطهارة والتقوى والكرامة والمبادئ الانسانية والقيم الاخلاقية الرفيعة, ولذلك فتح الاسلام للمرأة الابواب لتشق طريقها نحو الارتقاء والعلو والشرف والسيادة والطهارة العليا, ولذلك نجد في التاريخ نساء تفوقنَ على كثير من الرجال في الكمالات الانسانية".

وأكد ممثل المرجعية الدينية" من هذه التوصية ننطلق الى ما يلي.. ما هو غرضنا وهدفنا في الامانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة وبقية العتبات باستحداث الجامعات وغير ذلك من هذه المؤسسات العلمية؟ حيث ان البعض ينظر الى هذه العتبات المقدسة على انها اماكن نتبرك فيها بزيارة الائمة الاطهار عليهم السلام واداء العبادات وغير ذلك من هذه الامور في هذه الاماكن المقدسة، ونحن نظرتنا تختلف عن هذه النظرة العامة الضيقة, حيث ننظر اليها على انها اماكن مقدسة يراد منها ان تديم رسالة الانبياء والائمة في الارض ومن هذه الادامة هو التعلم والعلم, وما نرجوه من الاساتذة ان يكون هناك تفهّم لهذه المهمة, ليس هدفنا ان نفتخر بان العتبة المقدسة انشأت كذا من المستشفيات والمدارس والمعاهد, وليس هدفنا ان تكون هذه الجامعات والمدارس مكانا للتكسّب المالي وغيره من الاهداف التي لا تتناسب مع رسالة الانبياء والائمة عليهم السلام, نحن في الواقع ندعم هذه الجامعات بمبالغ كبيرة من الاموال ولا نربح منها، فالعتبة الحسينية تصرف المليارات على هذه الجامعات من اجل تحقيق هذا الهدف, ووصولنا الى تحقيق هذا الهدف يعتمد أولاً على ان يكون هناك فهم من قبل رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والأساتذة لهذه المهمة العظيمة التي يراد لها ان نحققها، وهي ان نصنع الطالب المتعلم المتألق والمتفوق الذي يجمع بين العلم والمبادئ الانسانية.

وأضاف الكربلائي" المهمة الثانية هي تحويل هذا الفهم الى واقع عملي وان تكون هناك ممارسة لهذا الفهم على ارض الواقع من خلال اهتمام رؤساء الجامعات والاساتذة بوضع المنهج العلمي والعملي والتربوي وكيفية الوصول الى صنع الطالب المتعلم صاحب المبادئ السامية الذي يمكن من خلاله ان نصل الى المهمة العظيمة المراد تحقيقها, وليس أمامنا من سبيل مؤثر وعملي إلا ان يكون رئيس الجامعة والعمداء والاساتذة هم القدوة في هذه المجالات التي ذكرناها, فهم قدوة للطالب في التفوق والارتقاء العلمي والتحلي بالمبادئ الانسانية".

وأما التوصية الثانية فإننا" نأمل من هذا الملتقى وغيره من النشاطات النسوية في هذه المناسبة ان تكون منطلقا لجعل الأستاذة الجامعية والطالبة نموذجا صالحا يجسد ما ينبغي ان تكون عليه الطالبة والاستاذة والمرأة بصورة عامة، بعلاقة العبودية مع الله تعالى وهي العلاقة الاساس التي ننطلق منها لتأسيس العلاقات الصحيحة, وكيف ينبغي ان تكون الطالبة والاستاذة عالمة بعلوم الدنيا وعلوم الآخرة وفاضلة في تربيتها واخلاقها, وكيف تكون مبدعة ومتفوقة في مختلف هذه العلوم, ولا تتصوروا نحن طلبة العلم دائما ما نطالب بالأمور الدينية فقط بل نطالب ان يجمع الانسان بين التفوق والابداع في مجال هذه العلوم التي نحتاجها لتعمير الارض وسعادة الانسان وبين تلك العلوم الاساسية التي بُعث من اجلها الانبياء عليهم السلام.."

واختتم ممثل المرجعية الدينية قائلاً" نأمل ان يكون لهذا الملتقى نتائج طيبة وملموسة على ارض الواقع فكرية وسلوكية وعلمية وان يؤتي ثماره, ونرجو من المهتمين متابعة النتائج والثمار التي تحصل من هذا الملتقى وليس فقط اقامته".

من جهتها بيّنت رئيسة جامعة الزهراء عليها السلام زينب عبد الحسين الملا قائلة" نُظمت احتفالية الملتقى الثقافي الاول هذه حبّاً بالزهراء عليها السلام ورداً لبعض مظلوميتها، ونشر معارفها وسيرتها الشريفة بين بناتنا الفتيات, والتعرّف عليها واتّباعها في حياتها واتخاذها دستور حياة لكل فتاة مسلمة واعية لها رؤية بعيدة المدى، وتسعى للحفاظ على هويتها الاسلامية وحجابها وعنوان انتمائها".

وبيّنت الملا انه" تم خلال هذا الملتقى جمع خيرة اكاديميات العراق وفضليات نسائه وكوكبة من فتياته ومن شتى محافظات العراق، لنفتح أمامهن آفاق الابداع لقيادة المستقبل ليتسلمن مهام تنظيم الملتقيات والمناسبات السنوية وقيادة المجتمع اقتداءً بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام".

ووجهت رئيسة الجامعة رسالة الى كادر وطالبات الجامعة والنساء المسلمات بصورة عامة قائلة" يجب علينا ان نكون جميعاً على حق ولا تغرّنا كثرة السائرين في درب الباطل وان نستذكر قول الإمام علي عليه السلام حين قال (لا تستوحشوا طريق الحق لقلّة سالكيه) وان نحفظ ديننا وأعمارنا من الضياع والهدر على مواقع التواصل بل التقاطع الاجتماعي وعدم الانجرار ورائها, فحري بنا ان نجعل من يوم ولادة سيدة نساء العالمين نقلة نوعية للمرأة في عموم جامعات العراق للارتقاء بالجانب الخلُقي والعمل المعرفي الى مصاف يليق بصاحبة العنوان الشريف".

وعرضت على هامش الملتقى الثقافي مجموعة من الاصدارات العلمية والدينية والثقافية، بالاضافة الى بعض الاعمال اليدوية التي تنمّ عن ابداع المرأة في مجال الفنون التراثية والاسلامية..

تقرير: سلام الطائي