كاراكس.. المدينة المفقودة شمال البصرة

تاريخ ضارب في القِدم يملأ أرض العراق بآلاف الشواهد من الآثار والتراث الذي يمتد لما قبل الاسلام بآلاف السنين، ومنهُ منطقة قصيّة في شمال شرق البصرة الواقعة جنوب العراق تسمّى (الخيابر).

تاريخياً تُدعى مدينة كاراكس وتسمى اليوم " الخيابر" وهي جمع لكلمة خيبر أي السور، مدينة تأريخية أنشأها الاسكندر الثالث المقدوني سنة 324 ق م، وغالبية الآراء كانت تشير الى أن المدينة تقع قرب مدينة المحمرة وفي ناحية تدعى بالنشوة، وبعض الآراء كانت تفيد بأنها تقع في محافظة ميسان، وهناك من يعتقد انها قرب قضاء أبي الخصيب الواقع جنوب محافظة البصرة، لكن بعض الجهود العلمية الحديثة أشارت الى وجودها في منطقة تقع شمال محافظة البصرة تابعة للدولة العراقية.

وكان الاسكندر أنشأ امبراطورية عظيمة امتدت حدودها من سواحل البحر الايوني غرباً الى جبال الهيمالايا شرقا، وأسس عدداً من مدن العالم القديم، بعضها معروف مثل مدينة الاسكندرية في مصر، وأخرى مجهول مثل (خاراكس) التي زارها الامبراطور الروماني تراجان سنة 116 ق.م وأبهرته عظمتها، كما تحدثت العديد من المصادر عن حركتها التجارية النشطة، لكن تلك المدينة اندثرت دون أن تترك أثراً ظاهراً.   

وفي حديثنا عن هذه المنطقة الاثرية التي هي اليوم ضمن الحدود الادارية لناحية (النشوة) شمال شرق البصرة اطلعنا رئيس مجلسها المحلي، خيري عبد الزهرة جاسم قائلا" تبعد ناحية النشوة عن مركز مدينة البصرة اكثر من 70 كم الى الشمال الشرقي لمحافظة البصرة مجاورة لجمهورية ايران، واهم ما يقع فيها هو حقل مجنون النفطي، واهم الاثار التي فيها هي منطقة خيابر، وان هذه المدينة تم بناءها في زمن الاسكندر المقدوني كمعسكر لجند اسكندر في ذلك الوقت".

اضاف خيري" آثار خيابر التي تبرز فوق الأرض هي سور المدينة، وهي تل عالي نتيجة لتراكم الاتربة، وهناك أبراج وسور، يتوسطها أشكال سداسية البناء تستخدم للحراسات.

وقد حضر مؤخراً فريق من العلماء من جامعة (مانشستر) البريطانية لإجراء مسوحات جيوفيزيائية في منطقة خيابر الأثرية، وسوف يستمر هذا التنقيب لمدة ثلاث سنوات نأمل خلالها أن تظهر معالم المدينة الأثرية بشكل اكبر وضوحاً".

ويذكر ان البصرة تضم نحو 90 موقعا آثارياً معلنا بشكل رسمي، تقع اغلبها في مناطق نائية سيما في الحدود الشرقية والغربية من المحافظة، وبعد جفاف الأهوار تم اكتشاف نحو ثلاثين موقعا آثارياً تعود معظهما للعصر الساساني والفرثي، وأخرى إسلامية أبرزها (مسجد الخطوة) غرب البصرة، إلى جانب آثار مازالت غير مكتشفة، تعود إلى عصور مختلفة.

طموحات مستقبلية وعوائق

وتابعَ خيري "من الطبيعي ان تبرز معالم هذه الاثار ويصبح موقع سياحي لأنها تعتبر مدينة قديمة جداً ونتمنى لأن يكون موقعا محميا من الامم المتحدة ويدخل ضمن الآثار العالمية، ونأمل ان يتم تسجيله في لائحة اليونسكو لذا نسعى لأن يكون للاعلام دور كبير في التعريف عن معالم العراق وسياحته، وندعو وسائل الاعلام لتسليط الضوء على هذه الاثار وغيرها لكي يتم اظهارها للعالم وتأخذ مكانتها الطبيعية.

وفي حديثه عن الاهتمام الحكومي قال خيري" لا يوجد اهتمام كاف ولم تُعط الاولوية له رغم انه موقع اثري مسجّل رسمياً و يحتاج الى دراسات و خبراء ولجان كشفية، لذلك لم نرى الخدمة الكافية لمثل هكذا أمور وهي تحتاج الى خطط مستقبلية، ويجب ان يتم دعم عمل المؤسسات الأثارية حتى تستطيع ان تأخذ دورها، على سبيل المثال طلبتْ احدى المؤسسات عمل سور يحيط هذه الآثار لأنها اصبحت منطقة للتجارة غير المشروعة حيث يتم النبش في بعض المناطق لاستخراج بعض الآثار كالعملات النقدية وبعض اللُقى الاخرى، ومع قلة تواجد الحراس الامنيين هناك تعاون من بعض المواطنين للابلاغ عن بعض هذه الحالات ولكن لم يتم تنفيذ هذا المشروع لحد الآن". مضيفا " انه قد تم تسليم بعض الآثار من هذه المنطقة الى المتحف العراقي".

فضلاً عن" ان مفتشية آثار البصرة تعاني من قلة التخصيصات والكوادر والحراس و الآليات المختصة، الأمر الذي يجعلها عاجزة عن متابعة المواقع الآثارية وحمايتها و صيانتها، لكن الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من قانون السياحة والآثار العراقي، تنص على تحمل الجهة المستفيدة تكاليف التنقيب في اي مشروع يتعارض مع موقع اثري، وهي الفقرة التي يعتبرها المختصون مرتكز القوة لحماية الآثار عبر إجراء عمليات التنقيب قبل البدء بتنفيذ أي مشروع".

تقرير: حيدر المنكوشي