باحث فرنسي في الآثار والتراث الاسلامي: الحفاظ على الآثار والتراث مسؤولية دولية مشتركة

أكد الباحث الفرنسي في الآثار والتراث الاسلامي تيبو لافال، أن الحفاظ على الآثار والتراث مسؤولية دولية مشتركة، فيما أشار أن من واجب المختصين بالآثار والسياحة في المنطقة العربية الاهتمام بها ورعايتها.

وقال لافال في حديث لمركز الاعلام الدولي" في العراق يوجد المئات من الاثار القديمة إن لم نقُل آلاف لم يتم تنقيبها حتى الآن، كجزء من حضارة وادي الرافدين التي تعد من أولى الحضارات التي عرفها الانسان، وهي غنية عن التعريف لكنها بحاجة للكشف والتنقيب والبناء ليعرفها العالم بالقدر الذي تستحقه".

وأضاف" هناك مشتركات بين الدول الأجنبية والدول التي تحتضن الآثار، حيث لا الغرب يعرف عنها ما يكفي ولا البلدان التي تحتوي هذه الآثار تسعى الى جلب البعثات المتخصصة"، مشيرا إلى، أن "في السعودية هناك آثار قديمة جداً لكن لا احد يعرف شيء عنها".

وأكد لافال في حديثه على أن "من واجب المختصين بالآثار والسياحة في المنطقة العربية أن يهتموا بهذا الجانب من حيث الدعاية والاعلام، وحث السلطات لتسهيل دخول الوافدين من السياح والباحثين، من ناحية تأشيرة الدخول وتهيئة كوادر متخصصة لإدارة مواقع التراث والآثار".

ونوّه الباحث الفرنسي، نلاحظ ان الاهتمام بطرح الأمور التاريخية يفوق الاهتمام بالسياحة، وهذا يعد "خللاً في الرؤية"، موضحا "لأنه من المفترض إن تكون الجهود متوازية ومتوازنة في سبيل دعم الاهتمام بالتاريخ و بالسياحة لأنها النافذة الأكثر إطلالة على العالم والمجتمعات الأجنبية".

وأشار خبير الآثار والتراث الاسلامي إلى أن "العراق يحمل تاريخ كبير وإرث حضاري قديم جداً يجب على كافة العراقيين الحفاظ عليه، بل نرى ضرورة قصوى لأهمية استثمار هذا الإرث وإعادة العراق الى الواجهة مجدداً عبر العمل المشترك مع الجهات الدولية المعنية".

وبشأن ما تعرضت له الآثار العراقية من نهب وتدمير ابان احتلال "داعش" لمناطق واسعة من البلاد وكيفية استعادتها وترميمها قال لافال، إن "الحفاظ على الآثار يقع ضمن عملية الحفاظ على البلد ككل، وعودة العراق دولة قوية متماسكة وموحدة هو الضامن الوحيد لاستعادة الآثار المنهوبة منه، حيث توجد مؤسسات رسمية دولية واتفاقيات تلزم الدول بإرجاع أية قطع منهوبة".

وتابع " هناك شرطة دولية متخصصة بهذا الجانب، وهي مَن تقوم بالعمل على استعادة الآثار المنهوبة وارجاعها الى أماكن تواجدها في البلد الذي سُرقت منه، مع العلم ان هذه العملية قد تأخذ وقتاً يستمر لسنوات في البحث والتقصي وتثبيت الأدلّة".

ومن جانب آخر، يكمل لافال قوله، اعتقد ان من يقف خلف استهداف الآثار والحضارة هو "الصراعات الايدولوجية والفكرية"، وقد حصلت في أوربا صراعات بين الايدولوجية والرأسمالية والشيوعيين واليساريين واليمينيين ولكن "لم يحصل استهداف للآثار والحضارة بهذا الشكل المريع".

وزاد الخبير الدولي، "ولا ننسى أيضاً أن قوى الارهاب ترى في الآثار شرياناً للحياة، لما لها من قيمة مادية كبيرة تديم زخم قوتها، ولذا فهي اول مَن يستهدفها بالنهب والمتاجرة".

وعن مشروع حفظ التراث العراقي بشكل عام وتراث اهل البيت (عليهم السلام) بشكل خاص، تحدث لافال قائلا: إنه مشروع مهم ويتلخص بحفظ التراث العراقي وبالخصوص تراث أهل البيت (عليهم السلام) "بطريقة رقمية"، لأن هناك كتب مهمة جداً خاصة بأهل البيت غير متوفرة على الانترنت ويحتاجها الباحث الغربي والمواطن الغربي".

وأضاف الباحث "قدمتُ دراسة في هذا الصدد وبدأتُ بالاتفاق مع جامعة السوربون في باريس وجامعة الكوفة في النجف مبدئياً، على عمل موقع الكتروني متخصص بالتراث الاسلامي لأهل البيت عليهم السلام، ونتمنى من ادارة العتبة الحسينية في كربلاء أن تشترك بهذا المشروع، وقد أبدوا تفاعلهم إزاء الموضوع ونحن بصدد تقديم الدراسة لهم".

وتابع القول "تعد أهمية المشروع نوعيةً من حيث أن تراث أهل البيت يتركز وجوده في العراق، وبذلك فإن الباحث مهما كانت جنسيته او مكان وجوده سيستفيد كثيراً من وجود هذا التراث رقمياً، فلا يتوجب عليه الحضور اذا ما احتاج لمعلومات ووثائق وغير ذلك، فضلاً عن أن الحفظ الرقمي يحمي هذا التراث من التعرض للطمس او التخريب او السرقة، ولا يوجد أهم من الجامعات والمراكز البحثية في نشر الفكر والعلم خاصة اذا كانت مرتبطة بمؤسسات علمية عالمية".

ودرسَ الباحث الفرنسي في الآثار والتراث الاسلامي تيبو لافال تاريخ الاسلام وامتلكَ معرفة ملمّة بالتراث والآثار العراقية، كما وشارك في مؤتمر الآثار والتراث الذي أقيم في كربلاء كباحث في شؤون الحضارة الإسلامية، عبر بحث علمي مفاده ضرورة الحفاظ على الإرث الحضاري للعراق الذي يتميز بالوفرة والعراقة، مقدِّماً دراسة قيّمة حول مشروع توثيق الكتروني خاص بحفظ التراث والآثار العراقية.

تحریر: عامر الشیباني