معهد وارث الأنبياء لإعداد المبلّغين.. العلم والثقافة الدينية بوجه عصري

تحقيق: سلام الطائي
تحرير: عامر ياسين

يسعى معهد وارث الانبياء للعمل على إعداد مبلّغين قادرين على نشر عقائد وعلوم اهل البيت عليهم السلام داخل وخارج العراق, وقد احتفى المركز بعد مرور اربع سنوات بتخرج الدفعة الاولى من طلبة معهد وارث الأنبياء لإعداد طلبة من مجموعة من الدول الافريقية بعد اجتيازهم مراحل الدراسة الاكاديمية والدينية  ليعودوا للعمل كمبلغين في مؤسسات دينية في بلادهم.

يقدِّم المعهد التابع للعتبة الحسينية في كربلاء الأسلوب الحديث والأمثل في تربية الطلبة، اذ جاءت فكرة تأسيسه من خلال الإدغام بين الدراسة الأكاديمية والدراسة الحوزوية، لطرح العلوم الحوزوية بطريقة أكاديمية حديثه، ويضم خيرة الأساتذة من النجف وقم وكربلاء، كما ان الدارسين من العراق ومختلف دول العالم.

ومدة الدراسة في المعهد لا تتجاوز ثلاثة سنوات يدرس فيها الطالب الفقه والمنطق والتفسير وعلوم القران وأساليب التبليغ وفنون التبليغ وفن الخطابة ونهج البلاغة والسيرة والتاريخ ودروس خاصة ومكثفة في حفظ القرآن الكريم وتعليم قراءة القرآن وفن التجويد.

ويمنح الطلبة المتخرجين شهادة رسمية من العتبة الحسينية المقدسة، بالإضافة الى توظيف المتفوقين منهم كمبلّغين ضمن العتبة.

ويقول مدير معهد وارث الانبياء للتعليم والتبليغ الديني الشيخ احمد العاملي، "تم افتتاح المعهد في الشهر الثاني عام 2016 المصادف لذكرى ولادة النبي الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم وابتدأ من ذلك اليوم العمر المادي للمعهد حيث كان يضم قسمين الاول للإخوة من داخل العراق والقسم الثاني من خارج العراق", لافتا إلى "وقد وصل المعهد الى السنة الرابعة من عمره وهو يضم 215 طالبا من داخل العراق وخارجه, حيث تم التركيز على طلبة المحافظات من داخل العراق ليكون هناك اعداد جيدة من سفراء الامام الحسين للتبليغ", مبينا أن "الطالب يدرس  المواد التي تلزمه في التبليغ لمدة سنين في المعهد ثم يعود الى ساحة عمله وفق برنامج, كذلك الطلاب خارج العراق يدرسون ايضا هذه المواد ثم يعودون الى بلادهم ليعملوا وفق رابطة الوارثون التي تضم خريجين المعهد في خارج العراق والتي يعمل الطالب فيها ضمن برنامج تبليغي محدد على ان يكون مرتبطا بالعتبة الحسينية".

ويشير العاملي في حديث لمركز الاعلام الدولي إلى، أنه "اقيمت العديد من التفاهمات مع العديد من الدول كدولة مدغشقر والسنغال وبوركينا فاسو وتنزانيا وغيرها", منوها "جاء ذلك امتثالا لإمر مرجعيتنا العليا لنشر مبادئ الدين الاسلامي ومعارف اهل البيت عليهم السلام ونشر التعايش السلمي بين افراد المجتمع".

ويوضح مدير معهد وارث الانبياء، أن "الطلاب الخريجين بعد أن مرو بدراسة اكاديمية دينية بحيث تكون وفق نظام الفصول والوحدات, يعطى الطالب اضافة الى المواد الدينية بعض المواد التي يستفيد منها في التبليغ اضافة الى تأهيله الى ان يكون مبلغ عامل واداري ناجح, فالبرنامج ينقسم الى قسمين برنامج مساند واخر داعم وبرنامج اصلي اضافة الى العديد من الورش التي يستفيد الطالب منها, ويتم توفير كافة المستلزمات التي يحتاجها الطالب القادم من خارج العراق في المعهد حيث يتم توفير السكن الملائم لهم ولعوائلهم ويتم صرف مبالغ مالية شريا لسد احتياجاتهم".

وعن شروط التقديم يقول العاملي، "يتم الاشتراط على الطلبة من خارج العراق ممن لا يجيدون اللغة العربية بان لا يتم ادخالهم الى صف الدراسة الدينية الا بعد ان يتقن العربية على اقل تقدير من الناحية الفهمية وناحية التعامل لانه يتعاطى مع متون دراسية عربية فلا بد له ان يتقنها قراءة وفهما , وقد تم وضع مهاج للغة العربية من ستة اشهر الى سنة كاملة بحسب قابليات كل منطقة من المناطق , فيتم وضع الطلاب الذين لا يجيدون اللغة العربية في الصف الخاص لتعلم اللغة وفق المنهاج المعروف وهو الذي يقوم على القراءة والفهم والتعبير والمحادثة وغيرها من هذه الامور وضمن مناهج واساتذة متخصصين في هذا المجال".

ويتابع حديثه، "ويشترط ايضا للمتقدمين الى المعهد من الطلبة من خارج العراق ان يكون حاصلا على شهادة الاعدادية على اقل تقدير واما من داخل العراق فيتم القبول ممن حاصل على شهادة الثالث متوسط فما فوق , وان يكون عمره مناسب للتبليغ من 18-28 عاما مع قبول بعض الاستثناءات من ناحية العمر فقط وذلك لحاجة البلاد اليها".

ويبين مدير المعهد، "ففي بعض البلدان هناك اتباع اهل البيت (عليهم السلام) يتواجدون بقلة ولا بد ان نراعي هذا الظرف, اضافة الى محاولة المعهد لاستقبال لغات عالمية حية وليس فقط اللغات المحلية ويتم التركيز على الاستقطاب من داخل العواصم الاصلية وليس من خارجها  لظروف تتعلق باستقطاب هؤلاء الطلبة".

وينوه الشيخ العاملي إلى، أن "المعهد يعمل على الالتزام بالمتون الدراسية الدينية والتي تتماشى مع الاطار العام للحوزة العلمية في النجف الاشرف, ويتم تقسيم المواد الى حقول وارصدة من خلال برنامج اعده المعهد  للطلبة الدارسين, فمثلا لدينا رصيد للغة العربية يمر الطالب فيه على عدد من الكتب ورصيد للقران الكريم يمر به الطالب على عدد من الكتب ايضا وهكذا بقية الارصدة حتى يصل عددها الى ثلاثة عشر رصيد متخصص".

ووفقا لمدير المعهد، أن "الطالب عندما يأتي يعرف من اي كتاب يبدا والى اي كتاب ينتهي وماذا يدرس خلال الفصل من مواد خاصة به, اضافة الى برنامج يتميز بمواد اخرى تسمى مواد ساندة او داعمة لحركة التبليغ التي يحتاجها الطالب مثل موضوع التواريخ الخاصة بالإسلام والتشيع والغيبة وما يحتاجه الطالب من معرفة بمدارسنا في العصر الحالي كالعلمانية والرأسمالية والاشتراكية او يتعرف على الفرق والمذاهب الموجودة او التعرف على الطرف الاخر من ناحية التعامل او الكتب الموجودة لديه او يتعلم ثقافة الحوار مع الاخر".

ويكمل بقوله, "ويجري المعهد العديد من الورش والدورات التنموية  لطلابه كالبحث العلمي والخطابة واتخاذ القرار والشخصية الجاذبة والتعاون مع الاعلام وغيره من هذا الدورات, اضافة الى اتقان الطالب للعمل على الحاسبة".

ويتم اختبار الطلبة المتقدمين للدارسة في معهد وارث الانبياء للتعليم والتبليغ الديني من ناحية اللياقة الدينية والعقلية وما هو مقدار كفاءتهم لتقبل العلوم الدينية.

يقول الشيخ امين يحيى بيلو احد طلبة المعهد في المرحلة الاخيرة، "دخلنا في معهد الوارث للتبليغ منذ بداية تأسيسه حيث بدانا بتعلم اللغة العربية لمدة ستة اشهر ثم بدانا بالدراسة التمهيدية في المعهد منها وجيز وموجز الاحكام والعقائد الامامية وخلاصة المنطق وبعض التفسيرات".

ويبين بيلو لمركز الاعلام الدولي، أن "سبب مجيئنا الى المعهد هو الحاجة الماسة الى المسلمين في بلداننا للتعرف على ثقافة اهل البيت والعقائد الدينية, حيث ان المجتمع في القارة السمراء متعطش جدا الى معرفة كل ما يخص اهل البيت عليهم السلام نتيجة قلة المبلغين"، مؤكدا "وسنعمل بعون الله على ايصال الرسالة".

عيسى ترنقده مدير مدرسة الامام المهدي في بوركينا فاسو وأحد طلبة معهد وارث الانبياء للتبليغ الديني يقول، إن "التبليغ الديني هو مهمة الانبياء والاوصياء ولولا هذه المهمة لما فهم الناس الاسلام وتعاليمه, فكما تعلمون ان اهل البيت عليهم السلام اتبعوا نهج جدهم رسول الله في اكمال رسالة الاسلام عن طريق التبليغ وقد واجهوا  الكثير من التحديات والصعاب في هذه المهمة بحيث ادت الى التضحية بكل ما يملكون من اجل اعلاء كلمة الدين".

ويلفت ترنقده في حديث لمركز الاعلام الدولي إلى, أن "ما دفعنا للمجيء الى معهد وارث الانبياء لإكمال نهج اهل البيت عليهم السلام في عملية التبليغ ونقل تعاليم الدين ورسالة الاسلام الى بقاع العالم".

يشار أن معهد وارث الأنبياء (عليه السلام) هو معهد أكاديمي ديني، يستقبل كل جنسيات العالم لدراسة الإسلام الأصيل، ويوفر الإقامة الرسمية والكاملة لهم، ويخصص أجورا مجزية للطلاب، ويرسل الدارسين بعد تخرجهم منه سفراء ورسل الى كل العالم.

وتقدم لطلبة المعهد امتيازات اثناء الدراسة من قبل العتبة الحسينية المقدسة منها اعطاء دروس مجانية، اضافة الى منحهم رواتب شهرية، كما أن السكن والطعام، وتتكفل العتبة المقدسة بتكاليف تأشيرة الدخول وتذكرة السفر للطلبة الاجانب.

بدوره يقول الباحث الاسلامي الشيخ صباح الخاقاني، "لاشك أن الهدف من تلك المدارس والمعاهد التي دأبت لتأسيسها المرجعية هو جعل الطابع الثقافي في المجتمع ونشله من الجهل، فالكثير من معارف اهل البيت الغائبة عن اذهان اغلب الناس تحتاج الى معاهد ومدارس وتكثيف التبليغ ليكون الوعي الاسلامي اكثر في المجتمعات الفقيرة بهذا الوعي, فمن يسعى في هذا الامر سيكون الله معينا له لأنه يحمل رسالة الانبياء والاولياء".

ويضيف في حديث لمركز الاعلام الدولي، بأنه "من خلال هذه المعاهد يمكن ان نوجه رساله للعالم أن الاسلام بدأ بالسلام وهي هوية كل مسلم التي يجب ترسيخها بعيدا عن العنف والطائفية وتشويهات الفرق المخالفة لنا وبيان اهدافنا الحقيقية المتمثلة بالسلم والمحبة والاخاء بعيدا عن الرأي والرأي الاخر".

يذكر ان معهد وارث الانبياء للتبليغ الديني تم إنشائه بتوجيه من المتولي الشرعي للعتبة الحسينية الشيخ الكربلائي، لإعداد مجموعات من الشباب المبلّغين الواعين الذين يأخذون على عاتقهم نشر الدين والمذهب الحق بين أفراد الأمة.