مدير معهد العراق لصيانة الآثار والتراث في اربيل: لا بد من مضاعفة الجهود لرعاية الآثار والتراث العراقي

-من أهم أسباب التراجع في مجال الآثار والتراث هي عدم وجود التمويل اللازم للتنقيب والصيانة، ونقص الخبرة والكفاءة لإدارة هذا الملف.

- عملت الهيئة العامة للآثار والتراث مع منظمات وجهات دولية مختصة لاسترداد القطع الأثرية المسروقة واستطاعت استرجاع العديد منها خلال الفترة الماضية.

حوار: عماد بعو

تحرير: صباح الطالقاني

تعاني الآثار العراقية منذ أمد طويل من اهمال في عمليات التنقيب والاستكشاف والصيانة، رغم ما تمثله من أسس لحضارة تُعد من اوائل الحضارات التي عرفتها البشرية، وزاد الطين بلّة ما تعرضت له البلاد من حروب متعددة طوال النصف الثاني من القرن الماضي وحتى الوقت الحاضر، لتأتي مرحلة استيلاء عصابات داعش الارهابية على مناطق واسعة، فيها من الآثار النفيسة ما لا يقدر بثمن فتعيث فساداً وسرقة وتدمير.

وبعد عمليات التحرير التي شهدها العراق اصبحت مسألة اعادة الآثار المسروقة وترميم ما تم تدميره وصيانة الشواخص المتبقية، اصبحت مسألة على قدر كبير من الأهمية والحساسية لارتباطها بتاريخ البلد ووجهه الحضاري.

ولتسليط الضوء اكثر على هذا الموضوع تجاذبنا أطراف الحديث مع الدكتور عبد الله خورشيد قادر، مدير معهد العراق لصيانة الآثار والتراث وأستاذ قسم الآثار بجامعة صلاح الدين في اربيل.

س: لماذا تُستهدف الآثار العراقية من قبل الارهاب ومن يقف خلف هذا الاستهداف؟

- تتعرض آثار العراق للاعتداء والنهب منذ فترة طويلة، ونعتقد ان هناك بعض من دول الجوار ومنظمات ارهابية تمارس عمليات تهريب الآثار العراقية، وكذلك التدمير واستهداف الشواخص التي تعتبر من اهم معالم التراث والآثار في البلد.

وفي عام 2014 حدثت الحملة البشعة لعصابات داعش وما قامت به من استهداف للآثار واحتلال مواقع أثرية كبيرة في شمال العراق وبالتحديد محافظة الموصل وصلاح الدين والانبار، فاستباحوا ما فيها لأجل الحصول على الأموال من خلال بيع هذه الآثار وإدامة تمويل عملياتهم الارهابية.

س: ما هي الأسباب التي أدت الى تراجع العراق في مجال التراث والآثار؟

- من اهم الأسباب هي عدم وجود التمويل اللازم للتنقيب والصيانة، وكذلك عدم وجود أشخاص كفوئين يمكن أن يقوموا بإدارة دفة هذا الموضوع المهم، حيث دائما كان هناك نقص الخبرة والكفاءة، وهذا الأمر يعود الى كون اغلب المناصب هي محاصصة حزبية من اجل الحصول على الامتيازات دون تقديم خدمة متخصصة.. نحن الاثاريين طموحنا كبير، ونحاول جهد الإمكان أن تكون آثار بلدنا مُصانة ومستثمرة بالشكل الذي يؤدي الى خدمة البلد اقتصادياً وسياحياً..

س: تعرضت الآثار العراقية الى التدمير والنهب، هل بالإمكان صيانتها والمحافظة عليها بجهد وطني؟

-بالنسبة للمحافظة على الآثار، هناك كوادر عراقية كثيرة تتمتع بالكفاءة والخبرة من خلال الاشتراك في دورات داخل وخارج العراق، وكذلك نحن في اربيل بالمعهد العراقي لصيانة الآثار والتراث استطعنا خلال عشر سنوات أن ندرّب أكثر من خمسمائة من الكوادر، ليستطيعوا ادارة المواقع الأثرية والقيام بعمليات التنقيب والصيانة والحفظ..

مع ذلك نرى ضرورة اهتمام الحكومة بشكل اكبر في هذا المجال من خلال وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم العالي ومن خلال المناهج الدراسية، وكذلك بناء متاحف في المحافظات العراقية على أسس وأنظمة علمية حديثة تضاهي المتاحف العالمية، فلدينا القطع الأثرية التي يمكن أن تغطي العشرات من المتاحف.

س: هل يوجد تعاون مع دول العالم لإرجاع الآثار العراقية المسروقة؟

-لا يوجد دولة تنافس العراق بعدد المواقع الأثرية، ففي إحصائيات قامت بها الهيئة العامة للآثار والتراث في سبعينيات القرن الماضي سُجل أكثر من 7 آلاف موقع اثري، أغلبها لم يتم استكشافه لحد الآن، فيما تعرّضت المواقع المستكشفة الى العديد من حملات التخريب والنبش والسرقة المنظمة..

لقد عملت الهيئة العامة للآثار والتراث في بغداد، مع منظمات وجهات دولية مختصة لاسترداد القطع الأثرية المسروقة واستطاعت الهيئة استرجاع العديد من القطع من الولايات المتحدة ودول الجوار، وهناك مساعي مستمرة لإرجاع المزيد، ولكن عندما تكون بعض الآثار العراقية غير مسجّلة فإن عملية استرجاعها تكون صعبة جداً لأنه لا يوجد لديك دليل قاطع على ان هذه القطعة الأثرية تابعة لبلدك.

أضف الى ذلك، لا يوجد حتى الآن جرد دقيق لما تعرضت له المواقع الأثرية في العراق من نهب وسرقة وتدمير، خاصة في المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش، بينما هناك إحصاءات تقدر بأن هناك مئة موقع أثري وديني تعرض للهدم والتفجير والتدمير.

وللتاريخ نذكر أن عمليات السرقة للآثار العراقية بدأت منذ فترة الحرب العالمية الاولى، واستمرت وتزايدت في عام 2003 وما بعدها، وأكملت هذه السلسلة التخريبية هجمات داعش الارهابية التي جرت على نطاق واسع في المناطق التي سيطرت عليها، لتجعل منها موردا مالياً، وبذلك وصلت آثار العراق الى أرجاء المعمورة في أوربا وأمريكا، حيث تم عرضها في مزادات علنية، ولكن بواسطة الدول الصديقة ومساعي الانتربول تم ضبط بعض القطع الأثرية وإعادتها للعراق..

س: لمدينة كربلاء تاريخ عتيد ومكانة سامية، كيف تقرأ غِنى هذه المدينة بالتراث والآثار؟

-كربلاء احدى المدن العراقية العريقة التي يمتد تاريخها الى عصور قديمة، ولهذه المدينة دور ريادي في رفد العراق بأسس الثقافة والحضارة، مع ان وادي الرافدين من الشمال الى الجنوب يُعد ارض الحضارات والأنبياء والأئمة، فتجد في كل بقعة منه أثر وشاخص ومعلَم يفتخر به الجميع ويمتد تأثيره الى الانسانية جمعاء..