الدكتور كامل القيم: قانون الجرائم الإلكترونية فيه تناقض وهو غير متراص في أهدافه

قانون الجرائم الإلكترونية فيه تناقض وهو غير متراص في أهدافه وتعتريه بعض الفقرات التي كان على المشرع وضعها في نظر الاعتبار

الاتصال المقروء حمل معه بعدا ثقافيا عاليا وهو يمرن الدماغ البشري على قدرة ممتازة من الخيال والارتفاع بمهارة الحوار والتصور والعمق المعرفي

تتعاظم اهمية منصات التواصل الاجتماعي بشكل عام لدى المواطن او المستخدم  العادي، باعتبارها متنفسا للتعبير عما يريد من انتقاد او ظهور او تعبير عن حالة ما، لكن هذا الموضوع ربما اضعف دور الإعلامي المحترف في التأثير على الرأي العام وذلك بسبب  الفوضى وانعدام المسؤولية لدى الناشر او الافتقار الى التنظيم او الثقة في مضمون ما ينشر وما يعبر عنه من محتوى اعلامي.

 بهذه الرؤية استهل الدكتور كامل القيم الأستاذ المحاضر في كلية الآداب / قسم الصحافة /جامعة أهل البيت (عليهم السلام في كربلاء حوار الروضة الحسينية معه مضيفا" أن تجربتي الشخصية في هذا المجال جعلتني ابتعد رويدا رويدا في النشر العلمي او الاجتماعي او التوجيهي بسبب الخلط وتراكم وتعدد الامزجة والاخطاء وعدم الاحترافية فيما ينشر ، حيث أصبحت المنصات مواطنية وشعبوية اكثر ما هي للإعلام الواعي والمحترف والمتفرد ، وقد يراها البعض بحكم السهولة والرخص والاتاحة والانتشار والحرية ، منصة ممتازة للأداء ، نعم هذا صحيح لكن نحن نتحدث عن التأثير والتغيير في بنى المجتمع ، باعتبار ان الإعلام له ارتداد تربوي وقيمي واجتماعي وديني ، لكن الحاصل عكس ما يمكن الإفادة منه".

ــ  هل يمكن القول ان الإعلام الالكتروني قد تفوق على وسائل الإعلام التقليدية في ايصال رسالته وتأثيره في المتلقي؟

 ـــ لا أرى ان الإعلام الاليكتروني هو الأكثر تأثيرا (قد يكون الاشمل والاسرع والاجمل) لكن بالتجربة اتضح للمواطن ان الإعلام الإلكتروني أداة استطلاع غير موثوقة وغير عميقة بسبب ( العائدية والتمثيل المجهول) الذي يمثله من يتحدث او ينقل ، والى الان (الوسائل المحترفة كالفضائيات والاذاعات والمطبوعات  الصادرة عن جهة معلومة) هي الأكثر تأثيرا وتغييرا في المتلقين، وهذا الامر يسري حتى في الدول المتقدمة، فالإعلام التقليدي كفوء  لكنه اصبح اصعب واكثر أتعابا للمتلقي لكونه يتطلب (القراءة والاصغاء والتحليل) ولهذا بدأ المتلقي يهرب من هذا السيل من المضمون.

ـــ ما رؤيتكم لمستقبل الإعلام التقليدي في ظل وجود إعلام الكتروني هيمن على مساحة التلقي؟ 

ـــ لا يوجد بالطبع مجال للمنافسة من حيث ( عدد وشكل التلقي )، فالمطبوع ربما اندثر او انحسر لكنه لا يموت ، ورويدا رويدا تكتشف الناس وتتأسف على ضياعات التلقي الرقمي ، لكنها لا تستطيع ان تجتهد في كل طاقتها باتجاه القراءة  السطرية والتلقي المطبوع لوحده .. وهناك صراع ، لكن لكل جولة من ذلك الصراع أتونها ومخرجاتها ( الفورية والسرعة والجمال والحركة والاتاحة والشمول ) صفات تتمتع بها الاتصالات الرقمية ، وفي المقابل حملت الاتصالات  السطرية او المقروءة معها بعدا ثقافيا عاليا يمرن الدماغ البشري على قدرة ممتازة من الخيال والارتفاع بمهارة الحوار والتصور والعمق المعرفي والفلسفي المعقد ، وكل التقنيات الرقمية لا تستطيع ان تشرح لها شعيرة من منطق فلسفي او تاريخي او ديني ، بالقياس امام الكتب و المجلات والصحف المرموقة ...هكذا يجري الامر ، الهروب من المعرفة وليس الذهاب لها واتجاه للاستجمام في الصور والجمل والتقنية الجميلة والممتعة والتي فيها قدرٌ من التشاركية والتحرير الذي لا يمارس عليه سلطة ( عالم مليء بالصور والقوالب الجاهزة ) والفورية وردود الأفعال التي تجعل الانا الفردية في اندماج مع المجموع ..لكن النتيجة سلبية بسبب الإدمان والتسطيح وضياع الوقت والتأثر الفوري والإساءة وضرب النظم المجتمعية.

ـــ أداء المؤسسات الإعلامية العربية الرسمية، هل ترون فيه مراعاة لمعايير الحياد والمصداقية في تعاطيها مع القضايا والاحداث المهمة؟

ـــ من المعتاد ان  من يملك المال  والسلطة هو من يتحكم بالإعلام ، والأنظمة العربية وغيرها أيضا تتحكم بالإعلام بشكل او بآخر نتيجة امتلاكها قوى المال والسلطة ، وبالنسبة للمؤسسات الإعلامية العربية فمعظمها تميل الى ان تكون في أحضان السلطة والقادة وتتحكم الأجهزة الحزبية والمخابراتية في توجيه مضمونها  او تمجيد الحاكم او الحزب ، والإعلام سواء كان موجها الى الداخل او الى الخارج سوف يأخذ شكل دعاية او تسويق او حربا نفسية بحسب مواقف الدولة من ذلك النظام ... والاستقلالية كذبة كبيرة في عالم الاعلام ما دام المال ينساب من جهة محددة او مدعومة، لكن هناك احترافية تقلل الظهور في نسبة الميل والامتلاك للسلطة او النظام.

ــ نص قانون الجرائم الالكترونية على بعض المعالجات، فما انطباعكم عنها؟ وهل يشكل هذا القانون قيوداً للنشر ويحد من حرية التعبير؟

 ـــ قانون الجرائم الالكترونية فيه جنبة جيدة لتنظيم الفوضى والعشوائية ويعالج حالات الانتحال والاختراق والتهديد وغيرها مما يجعل المجتمع اكثر امنا ، لكنه في ذات الوقت يحمل مواد وفقرات تجرّم بشكل أو بآخر بعضا ممن قد يتناول الشخصيات السياسية او من ( يخدم في مؤسسة عامة) بالنقد او الإشارة الى فساد وغيرها ... فالقانون فيه تناقض وغير متراص في أهدافه الكبرى ، وتعتريه بعض الفقرات التي كان على المشرع وضعها في نظر الاعتبار.

*الدكتور كامل حسون جعفر القيم  أستاذ مادة الاعلام والاتصال العراق بابل