الشعر والذوبان بحب النبي وأهل البيت عليهم السلام

الباحث: صباح محسن كاظم

الكلمة الصادقة جواز عبور للعقل، والقلب، والخلود التاريخي، فالشاعر الحقيقي من يهتم بعقيدته، ورموزه، وهموم الإنسان.. وخير من يُمدح بالبريّة سيد البشرية، ملهمنا، معلمنا، قدوتنا رسولنا..

جسّد الشاعر الأستاذ جاسم حمد طاهر، بنصوصه الشعرية الجوانب الروحيّة والأخلاقيّة كما ببعض الأبيات من نصه الرائع عن المصطفى صلى الله عليه وآله.

ذكرُ الحبيب

أنّي علمتُ سعادتي رؤياكا.. والقلبُ يا خيرَ الورى ناجاكا..

يامَن أَقرَّ نباتُها بنبوَّةٍ.. وأَتاكَ مُنقاداً لدعواكا..

لَهِجَ اللسانُ بذكركم يا سيِّدي.. والقلب من بعدِ الألهِ حَواكا..

 ودعوتُ ربِّيَ أنْ اراكَ بِعالَمٍ.. وأودُّ من قبلِ المماتِ لقاكا..

مَن ذا يفوزُ بقربكم ورضاكمُ؟ وأكونُ من نار اللظى بحماكا..

فالذنبُ أثقلني ونفسيَ تشتكي.. لم يبقَ لي بينَ الورى ألّاكا.. أنتَ الّذي يومَ المعادِ مُنادياً.. للمسلمينَ وشافعاً بنداكا..إلّا العِدى يا خيرَ مَن وطأ الثرى.. وأجعلْ خصوميَ في اللظى وعداكا..

وأحشرْ كَذوباً في المقالِ وساخراً.. أنتَ الخصيمُ وأنني أهواكا..

فالقلبُ وحَّدَ ربَّهُ منذُ الصِبا.. شَوْقاً أِليكَ وجانبَ الأشراكا..

كما بنصه بالمدينة عند زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وآله. شهقة ولهفة الشوق للرسول الأعظم يؤكد جذوة الإيمان..

شَوقاً أِليكَ أبا الزهراءِ من بَلدي.. حتّى قَدِمتُ وأنتَ اليومَ مُعتمدي..

أِنّي أُقبِّلُ رُمساً أنتَ ساكنُهُ.. هل يحتويكَ وأنتَ الصَّوتُ في خَلدي؟! ولَيتَ تُربكَ للعينينِ مُكتحلي.. لأنَّهُ المبرئُ الشافي من الرَّمدِ..

ما زلتُ ارضعُ ممّا قُلتَ من خُلقٍ.. ما جفَّ يوماً ومنكَ الدُّرُّ في النَّهدِ..

يا باخعَ النفسَ مكلوماً على أُمَمٍ.. كم حاربوكَ وكم تُهدي من الشَّهدِ..

لأنَّكَ الرِّحمةُ المهداةُ للبشرِ.. تعفو وتُصفِحُ كالآباءِ عن وَلَدِ..

أنّا أتيناكَ نشكو ما ألمَّ بنا.. من ظلمِ عاديةٍ أو سُوءَ مُنتقدي..

اِنّي لأنهلُ من ذكراكَ مَوْعظةً.. فأنتَ ماكُنتَ عن قلبي بمبتعدِ..

صلّوا على شافعٍ للناسِ من زللِ.. يَومَ المعادِ برغمِ الذنبِ معتقدي.

  قيمة الشعر حينما يجسد الولاء الحسيني لما أعطاه سيد شباب أهل الجنة بملحمة وسمفونية الخلود بطف كربلاء ، بوصلة الحق بعدم مهادنة الباطل . سيد الإصلاح والحرية والرفض من يستحق الشعر أن يُمجد مواقفه الرجولية الصلبة بشهادته دفاعاً عن المُثل والقيّم والمبادئ الساميّة جدير بالخلود والإهتمام.

أما حين يتحول الشعر إلى هراء كما فعله شعراء الدكتاتورية فلا قيمة تاريخيّة له نجد دواوينهم أصبحت نفايات بالقمامة.

الشاعر جاسم حمد طاهر، بالرغم من إختصاصه كمدرس رياضيات كرس حياته لكتابة القصائد عن سيد شباب أهل الجنة كما بقصيدته:

يا سيِّدَ الشُّهدا 

يا جُرأةَ القومِ الذينَ توعَّدوا.. وَجْهُ النبيِّ عليهِ تمتدُّ اليدُ؟!

ما قدرُ شِعْريَ يأبنَ بنتِ محمّدِ.. ويقينُ قلبيَ بالجِنانِ مُخلَّدُ..

لا الدَّمعُ يُسعفني على مأساتكم.. تبكي البتولُ بيومكم ومحمدُ..

حتّى المماتِ لما جرى لا نهدأُ.. نارُ الطفوفِ بأعظمي تتوقَّدُ..

ونَفيتَ تأريخاً لِيومِ المَولِدِ.. ويكونُ في يومِ الشهادةِ مَوْلِدُ..

ويُعدُّ عُمراً لا انقضاءَ لِمثلهِ.. وعليهمُ عندَ القيامةِ تشهدُ..

ومراقدٌ شبهِ الجِنانِ لقادمٍ.. يا ليتني في أرضكم أتوسَّدُ..

لا ضَيرَ اِنْ نطقَ الطليقُ بخسَّةٍ.. بئسَ الزمانِ دعيُّهُ والسيِّدُ..

بلاغة الصورة الشعرية، مع العاطفة الجياشة بالولاء الحسيني التي تعكس الإرتباط الروحي ّ بجده المصطفى الخاتم سيد الرسل والأنبياء الحبيب محمد صلى الله عليه وآله. لذا جاء نسق البناء الشعري بإنسيابية جماليّة تمنح الشعر جدواه وقيمته وماهية الفضائل الحسينية.. وخلود الموقف والنهضة المقدسة.

وتستمر دقة الوصف لما جرى لسيد الشهداء، ذروة البطولة بين فسطاطي الحق والباطل بالرغم من فصل الرأس عن الجسد لكن التأريخ يخلد الشهيد بشهادته.

لا ذقتَ بعدِيَ من عراقِكَ بُرَّهُ.. والرأسُ منكَ لِصِبيةٍ يا مُفسدُ..

قالَ: الشعيرُ كِفايةٌ عن بُرِّهِ.. من بعدِ عامٍ أذ نتوبُ ونعبدُ..

فكأنَّما عَلِمَ المُغيَّبَ حينها.. وتكشَّفت أسرارُهُ والمَوْعِدُ..

مَن ذا أصابَ برأيهِ لو أدركوا؟ سيد ُ الشبابِ بجنَّةٍ أم أعْبِدُ! 

قالوا دُعاةُ الدِّينِ زوراً بَيْنَنا.. أنتمْ لِغيرِ اللهِ شُركاً تسجدوا..

فكأنَّما شَهِدَ المُوحِّدُ منهمُ.. اِنّا لِغيرِكَ يا عظيمُ نُوحِّدُ..

ثنائية التوحيد والشرك الإيمان والنفاق تجلت بوقفة كربلاء جسدته تلك القصيدة الحسينية التي كتبها ببراعة، تبقى لحن الخلود الأبدي..

حاشا فما الأشراكُ مبدأَ مسلمِ.. لكنَّهُ لحنُ الخلودِ فَيُنشَدُ..

وسمعتُ من بعضِ النواصبِ قَولهم.. ببراءةِ الملعونِ وَهْوَ المُلحِدُ..

فقد اِدَّعى لَعِه حاسِراً عن رأسِهِ.. صلّوا عليهِ صادقينَ وردّدوا