ربيع الولادة النبوية بعقول المفكرين والمؤرخين

الباحث: صباح محسن كاظم   

شمس الولادة النبوية بددت الظلمة الكالحة في الإنسانية، ضوء النبوة والرسالة أزال عتمة العقول حينما كان الظلام يلف أركان الوجود.. لذا حين نتصفح أوراق ما كتبه عشرات العلماء من المفكرين بكل الأديان والعقائد أجد الوصف البارع اللائق لسيد البشرية نبينا محمد صلى الله عليه وآله، حتى أن (توماس كارليل)، الحائز على جائزة نوبل قال عن الرسول الأكرم والنبي الأعظم: «إنه شهاب أضاء العالم أجمع».

ويضيف: «لقد أصبح من أكبر العار أن يصغي الإنسان المتمدن من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين إن دين الإسلام دين كذب، وإن محمداً لم يكن على حق. لقد آن لنا أن نحارب هذه الادعاءات السخيفة المخجلة. فالرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجًا منيرًا أربعة عشر قرنًا من الزمن لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة، التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت، أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع؟ ولو أن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج الكبير لأصبحت الحياة سخفًا وعبثًا، وكان الأجدر بها ألا توجد. إن الرجل الكاذب لا يستطيع أن يبني بيتًا من الطوب لجهله بخصائص البناء، وإذا بناه فما ذلك الذي يبنيه إلا كومة من أخلاط هذه المواد، فما بالك بالذي يبنى بيتًا قامت دعائمه هذه القرون العديدة وتسكنه مئات الملايين من الناس، وعلى ذلك فمن الخطأ أن نعد محمدًا كاذبًا متصنعًا متذرعًا بالحيل والوسائل لغاية أو مطمع. فما الرسالة التي أداها إلا الصدق والحق وما كلمته إلا صوت حق صادر من العالم المجهول، وما هو إلا شهاب أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله. إن طبيعة محمد الدينية تدهش كل باحث مدقق نزيه المقصد بما يتجلى فيها من شدة الإخلاص، فقد كان محمد مصلحاً دينياً ذا عقيدة راسخة.»

أما ول. ديورانت الذي كتب قصة الحضارة أكد: (أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنه أعظم عظماء التاريخ كله.)

لقد كتب معظم المؤرخين عن شخصية نبينا وقد تميزت بالعلميّة والموضوعيّة والمصداقيّة.

المؤرخون المعاصرون من المفكرين بكتُب عن نبينا العظيم

في كتاب الدكتور عطية القوصي، القول الحق في سيرة سيد الخلق محمد (صلى الله عليه واله) الذي صدر عن دار الفكر العربي /القاهرة / ط1 /2012/344 صفحة.. في ثلاثة عشر فصلاً شملت سيرة نبينا المعصوم من الفصل الأول: من الميلاد حتى نزول الوحي / بشارات مبعث رسول الله وعلامات نبوته قبل نزول الوحي وبعده/ ان الدين عند الله الإسلام / إشراق نور النبوة / الهجرة إلى الحبشة / الحصار الاقتصادي والخروج إلى الطائف / فجر يوم جديد / الهجرة إلى المدينة المنورة / قيام دولة الإسلام في المدينة المنورة /قيام دولة الإسلام في المدينة / الرسول في لأمة الحرب / الفتح المبين /من الفتح حتى الوفاة / شمائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان الكامل.. ثم الخاتمة. لقد كتب المفكر الدكتور عطية القوصي بقلمه الرشيق، وروّحه العلميّة الوثابة، أجمل الصفحات بالسيرة العطرة لنبينا المعصوم بسيرة منهجية بتتبع كل مراحل حياة المصطفى - صلى الله عليه وآله - في دراسة وصفية وتحليلية إتخذت المسارات التتبعية دون القفز على المراحل بعناية بكل التفاصيل التي شهدتها الدعوة الإسلامية بكتابة حياديّة بمنهجيّة علميّة..

في الفصل الأول  ص19  كتب الدكتور عطية القوصي: ((عاش محمد (صلى الله عليه واله) في بطحاء مكة في شعب بني هاشم من شعاب مكة، وكان دائم التأمل  في تاريخ بلدته ومسقط رأسه مكة، وكان على علم كامل بهذا التاريخ، فهو يتذكر أن َّ العماليق هم أول من سكن بلدته الحبيبة على إثر  هجرتهم إليها من بلاد العراق.)).. ثم يذكر المؤلف فضائل وكرامات ومناقب رسولنا الكريم ونبينا الخاتم العظيم في الفصل الثاني ص38 : (( وروى أبو طالب ،عم النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يوماً بذي المجاز ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركه العطش فشكى إليه قائلاً: " يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك وأنا أرى أن َ عنده شيئاً من الماء، قال: فنزل عن الدابة وقال: ياعم أعطشت؟ قال: قلت نعم، قال فأهوى بعقبه إلى الأرض وإذا بالماء. فقال: اشرب ياعم، قال، فشربت...)).. ويستمر بسرد جميل بفصول الكتاب القيّم.

ويؤكد الدكتور عطية القوصي بالخاتمة ص342: ((وقد تقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن كان يتيماً إلى أن صار رئيس دولة وداعي دين وراعي أمة في جميع مراحل الحياة فمارس صروفها ووفي َبحقوق المراتب كلها، وبذلك صار المثل الأعلى للقدوة الكاملة. فقد كان طفلاً وشاباً  وشيخاً ووالداً وأخاً وزوجاً وجاراً ورفيقاً وصاحباً وجندياً وقائداً وفاتحاً ومهاجراً وقاضياً وقبل كل شيء إنساناً. وكان  في كل هذه المراتب على اختلافها هوَ هوَ لم يتغير من الألف إلى الياء، وكان مثال (الإنسان الكامل...))

فيما كتب المفكر المؤرخ الدكتور محمد فتحي محمد فوزي، بكتابه الجميل محمد نبي الإنسانية، الذي صدر عن دار مقام / 2020 /ط1 /136صفحة.. تميز  العلامة المؤرخ  الدكتور محمد فتحي محمد فوزي  بدقة السرد التاريخي والقدرة على فهم وتفسير وتحليل المضمر من الأحداث بروح نقدية وتحليلية دقيقة 10 من الفصول الشيقة من الفصل الأول: حياة العرب قبل الإسلام / نشأته صلى الله عليه واله وبيئته الشريفة، طفولته صلى الله عليه وسلم ، شبابه / التغيير الذي أحدثه محمد صلى الله عليه وسلم في العرب، وشهد شاهد من أهلها، أهل التوراة والإنجيل وشهادتهم، تعدد الزوجات ومكانته من الشريعة، زواجه من زينب بنت جحش رضي الله عنها، صبره على المكاره وعدله وبعض سماته الشريفة، خير الكلام ماقل ودل، المصور لبعض الخرائط والمشجرات، توثيق بعض المستشرقين بصورهم وأقوالهم.. ثم أهم المراجع..

كان المؤرخ العلامة الدكتور محمد فتحي يتنقل بين الفصول بسلاسة  لإغناء البحث عن  شخصية  الني الخاتم المعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. ويؤكد المفكر محمد فتحي ص 12 : (ففساد الحالة الاجتماعية والإنحلال في المجتمع الجاهلي قبل الإسلام  يزيد عليه فساد العقيدة عندهم وممكن أكثر؛ فما إنفك الرجل بطبيعته رئيسا للأسرة والراعي لها أمرا ونهيا بينما كان للمرأة دور إن شاءت جمعت القبائل وإن شاءت أشعلت الحروب والقتال بينهم...) وتتدفق المعلومات التاريخية بغزارة مع تحليل لتلك المواقف كما في ص20 :( ولقد رأت حليمة السعدية عندما أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم  علامات تدل على نبوته...) ويستعرض المؤلف بكتابه الثري بالسرد التاريخي كل مراحل سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بقراءة متأنية وواقعية عن كل حياته والمواقف التي مر بها . فيما أغدق على المتلقي والقارئ بالفصل السادس عن شهادات الأعداء وما كتب من المستشرقين من الصفحة 54 إلى 92 دوّن بتلك الصفحات آراء معظم العلماء والمفكرين ومن العقائد الأخرى ونظرتهم إلى نبينا العظيم صلى الله عليه وآله.. ثم يستعرض بالفصل الثامن تعدد الزوجات ويستمر بذات المنحى التاريخي لموضوعات مؤثرة بحياة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليختم بالدعوة في ص 123: (...وندعو لكل من قال كلمة عن نبينا الكريم من أهل الديانات الأخرى بهدايتهم وشرح صدورهم للتوحيد ونطقه والعمل به).