الإسلام والمسيحية واليهودية

د. سعد عبد الحسين

العديد من اليهود كما هو معروف لم يعترفوا بالمسيح (عليه السلام) بل ان احد الملوك اليهود عمل اخدود كبير واضرم به النار واخذ يرمي المسيحيين بهذا الاخدود او ان يتراجعوا ويتركوا المسيحية ويعودوا للديانة اليهودية. وهذه هي قصة أصحاب الاخدود المروية بالقرآن الكريم.

الحكام اليهود تعقبوا السيد المسيح (عليه السلام)  ليقتلوه و وضعوا جائزة كبيرة لمن يرشدهم عليه وتوعدوا وهددوا من يأويه او يسهل عليه مهمة الاختباء... وهكذا استمر الوقت حتى حصلت خيانة من احد تلاميذ السيد المسيح او الحواريين فأرشد السلطات على الكهف الذي كان يختبئ به فجاء بالجيش معه وقالوا له ادخل الكهف واخرجه معك لتقبض عليه وبعد برهة خرج هو ولكن شاء الله تعالى ان يرفع السيد المسيح (عليه السلام) ويضع صورته بصورة هذا الخائن فالتقفه الجيش اليهودي وصلبوه على الصليب ولهذا أورد بالقرآن الكريم:

((وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)) (النساء: 157)

ولم تعترف الديانة اليهودية بالديانة المسيحية لحد اليوم. وكذلك فعلت الديانة المسيحية التي لم تعترف بنبوة رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) رغم ورود اسمه (صلى الله عليه واله وسلم) في نصوص كتبهم الصحيحة ولكنهم تغاضوا واخفوا الحقيقة.

احد علماء الدين المسلمين والملقّب فخر الإسلام والذي ألّف عشرين كتاباً للرد على مزاعم وعقائد الكنيسة المسيحية، يروي للعالم قصته العجيبة التي نقلها السيد عبد الحسين دستغيب رحمه الله  في كتابه كشكول دستغيب للقصص العجيبة.

يروي فخر الإسلام قصته فيقول ((كنت انا أعيش في أمريكا وكانت عائلتي عائلة دينية وآبائي قساوسة ورهبان ولذلك انطلقت منذ صباي بقراءة علوم الدين حتى تجاوزت المراحل الدراسية بسرعة وبرغبة وشوق.

وقررت عائلتي أن  اهاجر الى روما لأحضر دروس البابا الأعظم في الفاتيكان لاصبح من أعلى القساوسة في الولايات المتحدة الأمريكية. وكان معي اربعمئة طالب يدرسون الدروس الدينية العليا على يد البابا الأعظم. بأحد الأيام ذهبنا الى درس البابا وانتظرنا حضوره فلم يحضر بسبب مرضه الشديد فبقينا نحن الطلاب نناقش مع بعضنا أمور الدين ووقفنا عند كلام للسيد المسيح (عليه السلام) عندما قال:

أنا ذاهب وسيأتي من بعدي الفار قليط

فتناقشنا بمعنى هذه الكلمة فار قليط، والتي معناها باللغة الرومانية المعزي. حصل خلاف بيننا نحن الطلبة حول هذا المعنى وأنا فضلت ان اذهب لعيادة البابا وأسأله شخصياً حول معنى هذه الكلمة، وبالحقيقة كان البابا معجب بموهبتي العلمية وتفوقي العلمي وكان يفضلني ويقربني عن بقية زملائي الطلبة. ذهبتُ للبابا وسألتهُ عن معنى هذه الكلمة فار قليط، وهل ان معناها المعزي، فقال ابداً لا يعرف احد معناها الا أنا... فتوسلتُ به ان يعلمني معناها فقال:

ان من غير الصالح ان نطرح معنى الكلمة الحقيقي وليس من مصلحتي ولا مصلحتك ذلك... بل ان ذلك يضرّنا كلانا.

تعجبتُ من هذا الجواب الغريب فتوسلتُ بالبابا اكثر واخيراً رضى ان يعلمني بشرط واحد وهو ان يبقى ذلك سراً بيني وبينه ما دام  حياً. فقبلتُ الشرط فإذا به يعطيني مفتاح وقال افتح تلك الخزينة وافتح هذا الصندوق وسترى كتاباً باللغة السريانية كُتِب قبل أكثر من ألف سنة، استخرجتُ انا الكتاب فقال لي افتح الصفحة الفلانية وفيها بحث حول كلمة الفار قليط وقرأت في زاوية الصفحة ما يلي:

ان الفار قليط هو محمد ( صلى الله عليه واله وسلم).

فسألته ومن محمد ( صلى الله عليه واله وسلم) قال هو النبي الذي يؤمن به المسلمون فسألته المسلمون اذن على حق. قال نعم. قلت: اذن لماذا لا تصدعون بالحق وتعلنونه؟

قال البابا: مع الأسف انا لم اعرف هذا السر الا في أواخر عمري ولو انني بحتُ به لقتلتني الحكومة أينما ذهبت حتى لو التجأت الى المسلمين، فمصلحتي اذن في الصمت على هذه الحقيقة... أما انت فأنك تستطيع الهرب والنجاة يا بني. فقبّلتُ يده وودعته على الفور وحزمتُ امتعتي وسافرت في نفس اليوم الى الشام. ولقد شملني لطف الله وعنايته فتعرفتُ مباشرة على عالِم دين مسلم شيعي فأسلمتُ على يده وبدأت ادرس فتعلمت الصرف والنحو والمنطق والمعاني. ثم توجهت الى النجف الاشرف بالعراق فتتلمذت على يدي السيد كاظم اليزدي والاخوند الخراساني حتى نلت درجة الاجتهاد. بعد ذلك توجهتُ لزيارة الامام الرضا (عليه السلام) في ايران وبدأتُ هناك بتأليف الكتب التي وجهت للرد على الكتب المسيحية الموجهة ضد الإسلام والمسلمين)).

الإسلام هو الدين الوحيد الذي يعترف بكل الأديان السابقة بل يعتبر الايمان بها شرط مهم من شروط الايمان والإسلام ومن لم يعترف بها يعتبر كافر ويخرج من حضيرة الإسلام.

ولكن الديانات الأخرى لازالت لا تعترف بالإسلام بل انها اصطفّت ضد الإسلام وها هو البابا الأعظم بندكت قبل سنوات يعلن براءة اليهود من دم المسيح (عليه السلام). وبذلك خالف التاريخ والحقائق، كل ذلك لكي يتّحد اليهود والمسيحيون ليشكلوا جبهة ضد الإسلام وبات الإسلام والمسلمين هم الأعداء الأوائل لكل اليهود والنصارى بالوقت الحاضر.

اليهود ضغطوا على الكنيسة والبابا في الفاتيكان ان يتنازلوا عن بعض الثوابت فبرأوا اليهود من دم المسيح (عليه السلام). وهم اليوم يشجعون نموذج من المسلمين ليتنازلوا عن بعض الثوابت ليريدوا اسلاماً بدون جهاد ضد الظلم. اسلام لا يتدخل بالسياسة ويقولون دعوا الحكم والسياسة للعلمانيين ونريد دولة مدنية علمانية لا دينية لكي لا تنزلق في الطائفية والتعصب الديني والمذهبي.

انهم يريدون نشر قشور  الإسلام وليس الجوهر...

اليوم في الغرب وبداخل الدول الإسلامية يوجد من يؤيد الفكر الماسوني، هم يعلمون  أن الماسونية تعني الغاء الديانات والإبقاء على قيم أخلاقية متفق عليها بكل الديانات كالعدل والصدق والعمل والأمانة والوفاء والعهد... وغيرها بحيث لا يظهر على الانسان بالخارج أي شيء يشير لانتمائه لدين معين.

لا يجوز لبس العمامة لرجال الدين ولا يجوز لبس الحجاب للمرأة ولا يجوز لبس الحاخامات والقساوسة، الانسان عندما يمشي بالشارع يجب ان لا يعطي انطباع معين عن ديانته. الماسونية تعني مسح الميمات الثلاثة الموسوية والمسيحية والمحمدية وإبقاء ميم الماسونية ليتوحد العالم ويلغي تأثير الأديان ويحجم ويعزل الدين كما عزلوا الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان التي هي اليوم اصغر دولة في العالم لا يتجاوز عدد سكانها عن 50 الف نسمة فقط.

رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول اذا لم تقل امتي للظالم يا ظالم فقد تودع منها. ويقول (صلى الله عليه واله وسلم) ثلاثة شركاء بالظلم: الظالم والساكت عن الظلم والراضي بالظلم. وامير المؤمنين ( عليه السلام) يوصي ولداه الحسن والحسين (عليه السلام) فيقول لهما كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً. هذا هو الإسلام جهاد ضد الظلم والظالمين. أئمة شيعة اهل البيت بل ان المعصومين الأربعة عشر استشهدوا بمقارعة السلطات الظالمة ومن يمثلون جبهة الكفر والعدوان.

اسلامنا الأصيل هو وصفة عامة للحياة لتنظيم علاقة الفرد بربه وبنفسه وأهله وعشيرته ومجتمعه... اسلامنا هو خارطة طريق لنيل سعادة الدنيا والآخرة. انه وصفة عبادية سياسية اقتصادية أخلاقية تضمن للمجتمع الاستقرار والسعادة، فمن لم يعيش جنة الدنيا سوف لا يرى جنة الآخرة كما ورد بالحديث الشريف.