الأمل المنتظر ثقافة الخلاص

الباحث: صباح محسن كاظم

الصورة: محمد الخفاجي

لعلّه من الطبيعي أن يمر ّ الإنسان بمحن شتى، ومصاعب جمّة ،وإبتلاءات كثيرة ،من حروب ،وعنف، وفاقة ،فثنائية الصراع بين فسطاطين سرمدية الوجود ،ومع ريادة وجود الخلق بين قابيل وهابيل ،وهناك ثمة أسئلة تواجه الإنسانية برمتها ..هل أن الوجود من أجل الصراع ؟

هل الغلبة للقوة والإستبداد ؟

هل للعدل دولة؟

هل وجد في العقائد والأديان من ينقذ الإنسانية من تصدعاتها؟

وغير ذلك كثير من الأسئلة الملحة ..وبين رافض لفكرة العدل النهائي بلا وعيّ ولا أدلة تصمد أمام الحقيقة ،وبيّن مصدق مما تواتر من أحاديث وروايات وأسانيد لايصمد أمامها أي مدع ٍ أو متغطرس لا ناقة له ولا جمل ولا حصيلة من العلم والفكر ..

وفي هذا البحث المعرفيّ والفكريّ نتلمس بعض الإجابات المنطقيّة لما يدور في خلد كثير من البشر ،من خلال قراءة موضوعيّة ،إقتفيت بها أثر المصادر المتنوعة من كتب العقائد الأخرى في العهد القديم (التوراة) ،والعهد الجديد (الإنجيل) ،  كما ورد في كتاب الله العزيز  بسم الله الرحمن الرحيم (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون)) الانبياء 105 أو آراء المذاهب الإسلامية التي تؤمن أغلبها بحقيقة الظهور المبارك للموعود ،وبقية الله ،إمامنا المهدي –عجل الله فرجه- وأهمية الإنتظار الإيجابي ،والإستعداد ليوم الخلاص ،بالإصلاح في كافة المجالات ،والترقب للظهورالمقدس..، بإصلاح الذات، والدائرة الأوسع الاسرة والمحيط . وماورد بالاثر عن أئمتنا الأقداس وسعيهم لبث الأمل في شيعتهم، والإنسانية بأن خيّر العبادة إنتظار الفرج ،بإستقبال الطلعة البهية المشرقة لبقية الله  بالدعاء والعمل والعبادة والإجتهاد والدفاع عن العقيدة والأوطان . فالحتمية التاريخية كما ورد بالسنن الإلهية هو إنتصار رايات الحق بمحق الباطل.

التمحيص والتمهيد  للظهور العالمي:

لعلّ وجود الأزمات ،والمصاعب، ووجود النزوات والشهوات ،والسيل من المشاكل التي يواجهها المسلم في وجوده ،كما تداعي الأمم كتداعيها على القصعة بوصف نبي الرحمة-صلى الله عليه وآله-  يوشك أن تتداعى  عليكم الأمم تداعي الأكلة على قصعتها وأنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل .ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ،وليقذفن في قلوبكم الوهن ، من حب الدنيا وكراهية الآخرة . والسؤال الجوهري كيف يحصل هذا؟ بالطبع تخلي الإمة عن أئمة الهدى والتقى ،وإتباع الضلالة وكل الدعوات الباطلة ،واللهاث خلف الشهوات.

فالتمحيص هو الإمتحان العسيّر لكشف إرادة ،وقوة، وإيمان ،وصبر ،وقدرة "المؤمن"على تجاوز المحن وهو التمحيص الدنيويّ للإختبار الآخرويّ، فهناك  غزو حربي وإعلامي وثقافي تقوده العولمة العالميّة من الغرب ،ضد أمتنا الإسلامية  بحرب عقائدية لزحزحة المفاهيّم والقيّم الإسلامية ،فالمنظومة الإستعمارية برمتها تشتغل وفق سياق الطعن بعقيدة الإسلام ،من هنا فهم "العقيدة المهدوية" والتهيئة للتمكين الإلهي لإمامنا المنتظر –عجل الله فرجه – هو جوهر العقيدة السليمة  وتحقيق رايات الحق في عالم يعج بالرذيلة والمكر والخديعة .فالتهيؤ والإستعداد الذاتي والجمعي  بالتالي يمهد للظهور المبارك لبقيّة الله إمامنا الحجة بن الحسن عليه السلام

الإختبار والتمحيص جهاز كشف لحقيقة الإيمان ومدى تفاعل الإنسان الصالح مع معطيات واقعية ببراهين وإثباتات منطقيّة وعقليّة وروائيّة .

يذكر الباحث"كامل سليمان "1-

إن نبيّنا محمد –صلى الله عليه وآله وسلم- حذرنا ونصحنا ووجهنا لقضية جوهريّة ،في عمق المعرفة الفكريّة والعقائديّة من خلال التبصيّر والتذكيّر بأهمية الإستعداد والتمكين لأن العدو يتربص بعقيدتنا ..

- لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ،أو ليبعثن الله عليكم العجم(أي كل من هم غير العرب ) فليضرلن اعناقكم ،وليأكلن فيئكم ،وليكونن أسداً لايفرون .. (ولقد كان منا التفريط ،وحلّ بنا ماوعدنا به .ثم جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً:)

- يُسرع الترك على الفرات.فكأني بدوابهم المعصفرات يصطففن على نهر الفرات. ((الدواب مايدب على اربع الدبابات والمصفحات...))

- ونحن نعيش تكالب الأمم على شعوبنا ودولنا وازمات حقيقية تحيق بنا في العراق..الشام..البحرين ..اليمن  وغيرها من الفتن والرايات الداعشية المصنوعة اسرائيلياً وغربياً  والمدعومة من المال والفكر الوهابي الصحراوي صنيعة اليهود ..لذا فالتحذير واجب شرعي وأخلاقي في تفكيك تلك الظواهر ومن يقف معها ويدعمها ويمولها ..لذا أكدت مرجعيتنا الرشيدة في خطبة صلاة الجمعة بالصحن الحسيني الشريف بكربلاء المقدسة في المنتصف من شعبان ،من خلال الشيخ مهدي الكربلائي الامين العام للعتبة الحسينية: ((من الواجب على الجميع التهيؤ والإستعداد بكافة الوسائل للتمهيد للظهور المهدوي المقدس))...

إن التجارب الاليمة والمحن والحروب واللاعدالة  التي مرت بها الإنسانية ؛ تستدعي  الإنتظار الإيجابي ،والإستعداد التام من خلال الوعيّ النوعيّ بالظواهر وما أكدته الروايات الشريفة عن ائمتنا الاطهار بالاحوال والملاحم والعلامات الدالة من خلال الاشارات التي تشير لنا بتدبر وتفكر كيفية الظهور وما يترتب عليه من إستعدادات ذاتية نحاول تقصي بعضها بالاسطر القادمة.

1-أبرز علامات الظهور

ذكر الشيخ المفيد الأحاديث الشريفة والإشارات في علامات الظهور خروج السفياني، وقتل الحسني، فكسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات، وخسف بالبيداء، وخسف بالمغرب، وخسف بالمشرق وركود الشمس من عند الزوال إلى وسط أوقات العصر، وطلوعها من المغرب، وقتل نفسٍ زكيةٍ بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام وهدم سور الكوفة وإقبال رايات سود من قبل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة، وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها، ونار تظهر بالمشرق طولا وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم، وقتل أهل مصر أميرهم، وخراب الشام واختلاف ثلاثة رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ورايات كندة إلى خراسان، وورود خيل من قبل المغرب حتى تربط  بفناء الحيرة، وإقبال رايات سود نحوها، وبطوفان في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة، وخروج ستين كذابا كلهم يدعي النبوة، وخروج اثني عشر من آل  أبي طالب كلهم يدعي الإمامة لنفسه، وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام، وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها، وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريع فيه، ونقص من الأنفس والأموال والثمرات، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات، وقلة ريح لما يزرعه الناس، واختلاف صنفين من العجم، وسفك دماء كثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصير قردة وخنازير، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الأرض، كل أهل لغة بلغتهم... إن هذه الأحداث أما حتمية أو مشترطة الحدوث فالعالِم بما يحصل بالكون الله رب العالمين وحده لا شريك له...

لكن إجماع كتب السّير، والملاحم والفتن، وما ورد من أحاديث متواترة عن النبي وآل النبي، إن هذه العلامات هي دلائل وشروط  الظهور المهدوي، ثقتنا بالنصر الإلهي وتعجيل الفرج الذي ترتقبه الإنسانية بعد أن استهلكت كل الأطروحات الوضعية التي لم تجد حلولا لأزمات الإنسان بكل المجالات، فالأمل بالخلاص المهدوي الذي أكدته جميع الشرائع السماوية وبشر به جميع الأنبياء بأن للخاتم ولد في نهاية الزمان سيملأ الأرض عدلا وقسطا، وإنا لمنتظرون...                                

2-الإتمام الإلهي وإظهار الإسلام (الوعد الإلهي)

الدليل القرآني بالنصر المحتوم لا يشوبه ذرة شك وريب  فالامر يعد حتميّاً،  والنصر للمؤمنين ونشر الإسلام ،والعدالة ،والسلام ،والإخاء بين البشر. وقد صرح القرآن الكريم بآيات عديدة حول هذا الأمر، فقال تعالى (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) وقال تعالى (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا).

المفسرون أكدوا على تحقيق الوعد الحتمي بمختلف مذاهبهم، يتحقق الوعد الإلهي بإظهار الإسلام في عصر الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ويعم المشارق والمغارب.

فوراثة الأرض للصالحين والأتقياء ودحر الباطل والفساد يتحقق باليوم الموعود ويحل الأمن بعد الحروب والفساد وسفك الدماء جراء بطش الطواغيت بشعوبهم واستعداء الآخرين، انه الوعد الإلهي ،ورسالة جميع الأنبياء والصالحين ،والتخطيط الرباني الإلهي لتصبح الأرض واحة للسلام والسلم العالمي، ويتم التمكين بعد الاستخلاف للفاضل على الأرض، وبمقتضى الحكمة الإلهية يسود السلام الذي يصنع الرخاء، ولنا عبرة بسقوط الدكتاتوريات، والإمبراطوريات ،والطواغيت، والظلمة... رغم ما يمتلكون من قوة مدمرة ،وسلطة عسكرتارية يتوهمون بأنها لا تهزم فإذا بها (كالعهن المنفوش) حين تنسف الجبال نسفا ،فمن تجارب تاريخية موغلة بالقدم إلى القرن الواحد والعشرين يتدحرج الطغاة المردة العتاة بشر هزيمة... كذلك بالوعد الإلهي الحتمي بنصر المستضعفين  يتحقق حلم الأنبياء بانتصار إرادة الخير على الشر، وتحقيق العدالة في الارض.

يذكر السيد محمد الشيرازي- في زيارة الإمام المهدي عليه السلام المروية عن المعصوم (سلام الله عليه) حين يصفه بأنّه (الصادح بالحكمة والموعظة الحسنة) فهو كجده – صلى الله عليه وآله وسلم- يصدع بالحكمة والموعظة الحسنة، ويسير بسيرة جده أمير المؤمنين-عليه السلام- وتقول الروايات أيضا: إن عليا سار بالمنّ والكفّ، أي أنّه (سلام الله عليه) كان لا يعاقب بل يمنّ. فإذا أردتم أن تعرفوا سيرة الإمام الحجّة (عجل الله تعلى فرجه الشريف) في التعامل مع الأصدقاء والأعداء فانظروا على سيرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فهذا تاريخه (صلوات الله عليه) بين أيديكم دونّه الشيعة والسنة والنصارى واليهود وغيرهم في صفحات مشرقة...

فبشارات الأنبياء من آدم وإبراهيم وموسى وعيسى- صلوات الله عليهم - تشير إلى الظهور الحتمي للأمل الموعود بقية الله في أرضه الإمام المهدي- عجل الله فرجه - لتحقيق ما لم يحققه الأنبياء وهو إقامة حكم العدل على الأرض، والوعد الإلهي بنصر ديننا الحنيف ليعم ويسود السلام والعدالة بإنجاز دولة العدل الإلهي، بتطبيق تعاليم القرآن الكريم وتعاليم الأنبياء جميعا ولاسيما خاتمهم رسول البشرية ومعلم الإنسانية المنصور المؤيد المصطفى الأمجد الخاتم محمد- صلى الله عليه وآله وسلم - وترفرف رايات الحق بدحر الباطل  إلى الأبد...

3-الملاحم والفتن وما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب والأئمة الأطهار (عليهم السلام)

لقد استعرضت عشرات المرويّات والكتب التاريخيّة التي تناولت الملاحم والفتن ،وما يتحقق منها،- بالطبع ليس كل ما ورد سيحدث- مستلة من الحديث النبوي الشريف والمتواتر ؛أو من أقوال العترة الطاهرة وفي مقدمتها ما ورد عن أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين وصي النبي الكريم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الملاحم والفتن ج2 ص97 باب 59 من فتن السليلي قال: خطب أمير المؤمنين على منبر الكوفة فقال بعد التحميد والتعظيم والثناء على الرسول الكريم: سلوني سلوني، في العشر الأواخر من شهر رمضان تفقدونني ثم ذكر الحوادث بعده، وقتل الحسين (عليه السلام) وقتل زيد بن علي (رضوان الله عليه) وإحراقه وتذريته في الرياح ثم بكى (عليه السلام) وذكر زوال (ملك) بني أمية وملك بني العباس ثم ذكر ما يحدث بعدهم من الفتن وقال: أوّلهما السفياني وآخرها السفياني، فقيل له، وما السفياني، والسفياني، فقال: السفياني صاحب هجر والسفياني صاحب الشام (قال) السليلي: إن السفياني الأول أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي، ثم ذكر ملوك بني العباس، وذكر إن الذي يخبر به عن النبي (صلى الله عليه وآله) وذكر شيعته ومحبيه ومدحهم وقال: إنهم عند الناس كفار، وعند الله أبرار، وعند الناس كاذبون وعند الله صادقون، وعند الناس أرجاس، وعند الله أنظاف، وعند الناس ملاعين وعند الله بارون، وعند الناس ظالمون، وعند الله عادلون فازوا بالإيمان، وخسر المنافقون...

بالطبع كل من يحترم ويحب ويوالي آل البيت يدخل في نسق أصحابهم أما من يعاديهم ويقتلهم ويرضى بظلمهم وذبحهم وتهجيرهم ومصادرة حقوقهم فهو في زمرة الأعداء. إن القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة ألزموا بأتباع آل البيت وموالاتهم {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} الشورى23 وعشرات الآيات التي سنورد في كتابنا هذا حثها للولاء والإتباع والتصديق والاقتداء بالعترة المطهرة. إن السينما والمسرح فيما لو اعتمد على هذا الخزين الموروث من علم وسيرة وجهاد رموزنا الأبرار يستطيع أن يصل بهم إعلاميا للعالم أجمع وفضاء لانهائي.. إن التأكيد الإعلامي هو تذكير للإنسانية بما جاء به الرسل والأنبياء والأولياء، هؤلاء الصادقون السائرون لإقامة دولة العدل الإلهي فكما ورد في نور الإبصار للشبلنجي الشافعي قال: وهذه علامات قيام القائم (عليه السلام) مروية عن  أبي جعفر الإمام الباقر (عليه السلام) قال: فيما يقع قبل ظهوره (عليه السلام) إذا تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وأمات الناس (المسلمون) الصلوات فإنك ترى المساجد مهجورة والملاهي معمورة. وقال الإمام الباقر (عليه السلام): واتبعوا الشهوات أي المحرمات في الدين الإسلامي كما في الملاهي والأسواق باعوا الدين بالدنيا  (أي ترى الناس يعملون المحرمات ويتركون الواجبات ويأخذون على ذلك المال وترى الفقير الذي ما كان يملك قوت يومه صار غنياً بما أخذه من المال الذي باع به دينه) قال(عليه السلام): وضنّوا بالطعام (أي تركوا الفقراء جياعا وخزنوا الأموال حبا به وبخلا).

وقال (عليه السلام): وكان الحلم ضعيفا (أي إذا رأوا مظلوما صبر على ظلم الظالمين وسكت عن أخذ حقه قالوا هذا ضعيف وذموه على ما فعل) قال (عليه السلام): (وكان) الظلم فخرا (أي ترى الظلمة يفتخرون بما يعملون من ظلم العباد وغدر حقوقهم وغصبها) وقال(عليه السلام): وترى الأمراء (أي الأشخاص الذين ولُُوا أمور الناس) فجرة (أي يعملون الفجور من الأعمال القبيحة كالزنا وشرب الخمور وغير ذلك من الأعمال المحرمة) وقال(عليه السلام): وترى الوزراء (الذين يعتمد عليهم ويصدق أقوالهم) كذبة قال (عليه السلام) وترى (الأمناء) على أموال الناس وأعراضهم (خونة) وترى أعوان السلاطين (ظلمة) وترى العلماء بالكتاب والذين يقرؤون القرآن فسقة (أي يصدر منهم الفسق المعلوم يتجاهرون به) وقال(عليه السلام): وظهر وشاع فيه الناس الجور والظلم (أي قتل النفوس ونهب الأموال وهتك الأعراض) قال (عليه السلام) وكثر الطلاق بين المسلمين وبدأ الفجور بين المسلمين فلا يتحاشون منه ولا ينكرونه وقبلت شهادة الزور (الباطل والكذب) وشربت الخمور من غير نكير وكان من الأمور الممدوحة عند الناس وركب الذكور الذكور واستغنت النساء بالنساء واتخذوا الفيء مغنما وأُتقي الأشرار مخافة ألسنتهم وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن، وخسف (بقوم بالبيداء) بين مكة والمدينة وقتل غلام آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الركن والمقام (في المسجد الحرام) وصاح صائح من السماء بأن الحق معه، أي مع المهدي(عليه السلام).. ومع أتباعه فعند ذلك يخرج المهدي قال (عليه السلام): فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أتباعه، فأول ما ينطق به هذه الآية: {بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} هود86 ثم يقول(عليه السلام) أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم، فلا يسلم عليه أحد إلا قال: السلام عليك يا بقية الله في أرضه، فإذا اجتمع عنده العقد (أي) عشرة آلاف رجل فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا أحد ممن يعبد غير الله تعالى إلا آمن به وصدق وتكون الملة واحدة ملة الإسلام وكل ما كان في الأرض من معبود سوى الله تعالى: تنزل عليه نار من السماء فتحرقه...

إن ما ورد في تلك النبوءات المروية في آخر الزمان؛ وقد وردت بشكل متواتر في الصحاح عند المسلمين مع الاتفاق مع ما ورد بالأديان الأخرى بخروج الموعود وتحقيق حلم الأنبياء بإحقاق الحق.. وسيادة العدل.. وزوال الشر.. واندحار الباطل يُسَلِم بها العقل، لأنها لا يمكن أن تكون منفية أو يتواطأ الجميع على عدم صدقيتها، فلا بد من تحقيق ما نهض به الموكلون من السماء، الأنبياء والأولياء، لإصلاح الإنسانية في آخر الزمان والغائية والقصدية التي جاهد من أجلها الجميع لتحقيقها وتطبيقها في الإنسانية.  فالأمل الموعود المرتجى من ضياع الإنسانية بغمرة الحروب ،وصناعة الفايروسات القاتلة ،وإرتفاع منسوب الكراهية الأممي ..ليس هناك إلا العودة للروح ..كما قال ذلك رئيس وزراء إيطاليا بمحنة الكورونا: إنتهت حلول الأرض ننتظر حلول السماء.

1- القرآن الكريم .

2-السيد محمد الشيرازي -حقائق عن الإمام المهدي- ص 117 عن بحار الأنوار ج47 ص54ح92- باب3 النص عليه( عليه السلام).