منهج كربلاء .. الواقع الحضاري

حسنين جابر الحلو          

مازالت البشرية تحدد أفكارها من خلال المعطيات في واقعنا الإسلامي إذ يتعامل معها تعاملا ملؤه التواتر جيلا بعد جيل حتى تبقى سائرة على منهج كربلاء، فتأثرها بالواقعة يعطيها الأمل بان تبقى صامدة ومستمرة بعطائها حتى لاتفقد مقامها بين الشعوب التي تتفاخر بحضارة أكل عليها الدهر وشرب ولاترقى لمستوى الإنسانية حتى وان لم تكن المعطيات واضحة ولكن أثرها واضح بتمسكهم بحضارة حسب ماسموها عريقة وهي ليست بذلك فيعجب بها حتى الشرقيون، ولكن للأسف تناسوا  حضارتهم التي ضحى من اجلها أنبل خلق الله لتكون هي العماد لهم في كل حين، فحضارة الإسلام مبنية على أسس الصمود وباحتياجها إلى رجال يعتمدوها  ويضحوا من اجلها لتكون هي المنار لهم. 

وها هي الحضارة مستمرة باستمرار الصلاة والصوم وباستمرار الاعتقاد والسير بمنهج كربلاء الظافرة التي أطرت حضارة الإسلام بإطار الشهادة وتصدت لحضارة الكفر والبغي فالحضارتان مستمرتان لوقتنا هذا ولكل واحدة منها دولة ورجال ومجتمع يتأثر بها وحركتا الإصلاح تظهر على الأقوى رجالا تمسكوا بالمبدئية الحقة.

أما واقع الحضارة الغربية التي أسست أساسا يغمره التلاعب بمصير الإنسانية ومرحلة دمج الحضارة بسابقاتها وتغيير بعض الحضارات لتشدها إليها ولتمحور طريق الإنسانية نحوها بفتحها باب ( العولمة) على مصراعيه لتجذب العدد الأكبر من الناس الذين باعوا حضارتهم بأموال زهيدة ، ولم يحصدوا إلا ويلات الدهر المتعاقبة عليهم إلا حضارة الإسلام حيث بقيت خالدة لهذا الوقت فمسيرتها لم تنقطع بفضل الله اولا ومنهج كربلاء الذي سطر حروف الحضارة الإسلامية بدماء شهدائه ثانيا،  فكل قطرة دم في كربلاء هي استمرارية وهي واقع واثر يسير عليه المؤمنون الذين لم يغرروا بأموال الحضارات المجتذبة لحضارة الغير فهم أصروا أن يبقى منهج الإمام الحسين (ع) هي حضارتهم التي توارثوها بالفكر والمعتقد بترسيخهم ذكرى عاشوراء كل سنة وكل شهر لابل كل يوم فهم الجيل الذي اخذ على عاتقه حمل الحضارة بمفرداتها وترجمتها على ارض الواقع حتى يتسنى لهم طرحها بشكل معقول للأجيال التي تلحق بهم فيحملوها وهم مطمئنين وبإياد سليمة وبعقول واعية ، فراية الإسلام لايمكن حملها بيد واحدة بل المطلوب شد كل الأيادي لحملها حتى تسر الناظرين.

 وليس هذا فحسب بل المطلوب من المؤمنين أيضا أن يقفوا موقف اليد الواحدة وبروح واحدة لحضارة واحدة ذات باب مؤداه منهجية صحيحة تكون رافدا يغذي كل جيل ، لان كربلاء هي المنطلق لصوت الحقيقة وللفكر الواضح.