المناقب العطرة

المؤرخ صباح محسن كاظم 

الصورة: خضير فضالة

ثمّة رؤى تبعث النشوة الروحيّة والفكريّة حينما تمر بشذرات، ونفحات، وقبسات من السيرة العطرة التي تبعث الأريج من الكلمات، والأفكار التي تدوّن عبق التاريخ الخالد للنبي وأهل البيت لأنهم الرموز الكونيّة في البشريّة، فلكل منهم عطر بشذا الورد لمناقبهم، وسجاياهم التي خصّهم بها الخالق عز وجل، فأضافت سيرتهم هالة من النور الذي يَشُع كلما أراد أي باحث بتتبع مناقبهم، والعطاء الفكريّ و الفقهيّ الذي ينتشل الإنسان من آفة الجهل إلى مصاف الذرى، والتكامل، وإتباع الحق في بيئة سياسية نكلت، وقطعت، وشردت آل المصطفى بظل حكام التوريث السياسي المُخادع، المُنحرف، المُخالف للقرآن والسنة النبويّة.

لذا فكتاب الباحث "مسلم خليل سداوي" يناقش  الآثار الفكريّة لمدرسة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).. أنظر بصفحاته المتوهجة بالحقيقة كما وردت بالمصادر الصحيحة فقدّ نَقبَ وبحثَ بمصادر مُعتمدة ، كذلك بكتب معاصرة محققه لها أهميتها الفائقة كما بموسوعة العلامة أسد حيدر (الامام الصادق والمذاهب الأربعة) ولم يغفل ما كتبه الآخر مثل كتاب الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب، وعشرات المصادر التي أثرت البحث، وهذا ما يُحسب له ويضعه بالطريق العلميّ والفكريّ في تتبع سيرة أئمة الهدى.

وقد ناقش بموضوعية وبتسلسل منطقي وتاريخي قضايا جوهرية، الفكر، وتاريخه، أقوال العلماء في المبحث الاول ص6، شخصية الامام الصادق (ع) مع عدة مطالب منها شرف النسب والولادة – مكانته العلمية – تلامذة الامام نتاج الفكر – ثم عرّج على السيرة السياسية بموضوعات ترتبط بواقع الاحداث كدفع الانحراف – ودعم الحركات النهضوية.

وقد ناقش بحيادية الثورة الحسينية والامام الصادق (ص15): بالقول: ((لاشك بأن الإمام الحسين عليه السلام، قد نفض الغبار المتراكم الذي كاد أن يضلل بأهداف الرسالة المحمدية، بعد أن  أحيا أمة جده بنهضته، فكانت تلك الثورة صرخة مدوية، أعادت الأمة إلى صوابها...)) 

كما ركز الباحث بالمطلب الثالث: دور الامام  بتحرير الفكر (ص17) (... لقد وافق عصر الإمام الصادق حركة فكرية بلغت الغاية في نشاطها وانتشارها، وظهرت مقالات غريبة وتيارات أجنبية عن الإسلام، بالنظر لاتساع رقعته، فقد انتشرت العلوم الإسلامية فيه من التفسير، والفقه، والحديث، وعلم الكلام، والجدل، والأنساب، والشعر...)

ولعلَّ التوقف عند باب الأخلاق له أهمية فائقة اليوم حيث نعيش عصر العولمة، والتكنلوجيا، والتفريط الكبير بالقيم والمثل والاخلاق بمدعى الحداثة ومواكبة العصر وبالتالي يصاب الشباب بالخواء، السطحية، الابتعاد عن مكارم الاخلاق بالانحلال لذا تناولها بالصفحات (18-19-20) من خلال المفاهيم التربوية الاسلامية التي تزكي النفس وتطهرها من الأدران.

في المبحث الثاني اكد في اصالة الفكر حيث ركز بالنقاط التالية 

1- تحديد معالم المدرسة الفقهية للإسلام الحقيقي.

2- شمولية العلم من هذه المدرسة للعالم كله دون تمييز.

3- حرية التعليم والبحث العلمي دون اقتصار جامعة على فئة أو جماعة معينة.

4- تعريف الأمة جمعاء بما تحتويه هذه المدرسة الخالدة من أفكار ومبادئ وأسس علمية.

5- التعريف برجالات هذه المدرسة وأبطالها.

مطالب كثيرة  متنوعة  في هذا البحث الذي يضيء سيرة قيمة الاسلام الذي أرسى  الاسس الفقهية والمتباينات العقائدية لاتباع اهل البيت، وكان المرشد الفقهي لائمة زمانه من جميع المذاهب التي اعتمدت على مدرسته الفقهية، التي تنهل من المنبع الأصيل فقه جدّه رسول الله ( صلى الله عليه واله).

وأشير هنا انني شخصياً اطّلعتُ على العديد من المصادر في رسالتي للدكتوراه، تلك المصادر التي يدين بها العلم الحديث ويتسلح بها العلماء بعِلم الامام جعفر الصادق عليه السلام، الذي أضاء العالم في تلك العصور المظلمة.