الإســلام في مــاليـزيا

ترجمة واعداد: حيدر المنكوشي

 ماليزيا احد البلدان الإسلامية الأكثر تقدما والتي عرفت بأنها واحدة من الدول الإسلامية الأكثر ثراء لما تتميز به من طبيعة حيث تعدّ  السياحة أهم مواردها الاقتصادية،  وقد اختلفت نظريات الباحثين حول دخول الإسلام إلى ماليزيا وطريق وصوله إليها، فمنهم من قال إن إسلام هذه المنطقة كان نتيجة العرب الذين جاءوا من جنوب شبه الجزيرة العربية للدعوة إلى الإسلام من خلال رحلاتهم التجارية، ومنهم من قال: إنه جاء عن طريق الهند إذ إن العلاقة بينها وبين الهند قديمة، ومنهم قال: إنه جاء من الصين عن طريق البرِّ

وهناك اكتشاف لآثار تاريخية تدل على الوجود الإسلامي في هذه المنطقة، منها بلاط شاهد لقبر مكتوب عليه الشيخ "عبدالقادر بن حسين" عام 291 هـ الموافق عام 903م تقريبًا، وقد اكتُشِفَ في ولاية (قدح)ومنها اكتشاف آخر في ولاية (كلنتن) وكان عبارة عن دينار ذهب عربي يعود لعام 577 هجرية / 1181م"، ومنها اكتشاف في ولاية (ترنجانو)، وهو عبارة عن حجر كبير منقوش عليه الكتابات بالأحرف العربية تبين أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات كالديون، والجنايات ، وهذه الكتابات تدل على وجود مجتمع إسلامي وسلطنة تطبق الشريعة الإسلامية، وهذا الأثر بتاريخ 702 هـ= نحو1303م".

وكانت علاقة أرخبيل الملايو الماليزي قويةً مع جنوب الهند، وأطراف شبه جزيرة العرب التي انطلق منها الإسلام حتى وصل إلى جنوب شرق آسيا بطريق سِلمي مع التجار والدُّعاة، إلا أن المكانة الإسلامية أصبحت أقوى في ماليزيا بظهور سلطنة(مالاقا) الإسلامية في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي.

الوضع الجغرافي
تقع ماليزيا في جنوب شرق آسيا وعاصمتها هي كوالالمبور.مساحتها 330434 كيلومترا مربعا طريقة الاتصال الأكثر أهمية في المحيط الهندي والمحيط الهادئ هو مضيق ملقا الذي يقع في الساحل الغربي لماليزيا. 

القبائل والأعراق
بشكل عام هناك أربع جماعات رئيسية عرقية وعنصرية في ماليزيا وتشمل: ارانك و ميالو والقبائل الصينية، و قبيلة ميالو التي تشكل أكثر من نصف سكان البلاد الذين كانوا يعتقدون في الدين الإسلامي ولهم ثقافة مشتركة في اللغة والدين.

ماليزيا ومشكلة الاستعمار
دخلت القوات الاستعمارية في القرن 16 من قبل القوات البرتغالية في جزر ماليزيا وبعد فترة من الزمن و في القرن السابع عشر استعمرت البلاد من قبل هولندا أما في القرن 19 دخلت إليها انكلترا وبناء مستعمرات لها في تلك البلاد الإسلامية. وقد لاقت الحركة التبشيرية الإسلامية في ماليزيا في القرن التاسع عشر هجوما قويا من قبل الاستعمار البريطاني ودعم الحركة التبشيرية للدين المسيحي.
وبالرغم من وجود الاستعمار والوحشية المتأصلة اتجاه الدين الإسلامي لكنه أدى إلى التضامن وتوحيد المسلمين في ماليزيا من خلال الاعتماد على التعاليم الإسلامية و اعتماد ديناميكية قوية تحول دون تفرقتهم واعتمادهم على ثقافة الدين الإسلامي المتسامح والذي من خلاله استطاعوا مقاومة الاستعمار، وعلى الرغم من استقلال ماليزيا لكن الاستعمار استغل الماليزين و فصل سنغافورة  عنهم و التي أثرت تأثيرا كبيرا على البلاد.

مؤشرات الوجود الإسلامي في ماليزيا
فيما يتعلق مظاهر وجود الإسلام في ماليزيا يمكن أن يكون هناك أشارت ودلائل منها: 
1- الحجاب الإسلامي الذي كانت ترتديه النساء المسلمات الماليزيات والذي ظهر في اغلب المناطق الماليزية ، تجدر الإشارة إلى أنه ليس فقط الحجاب الإسلامي الذي يعتبر مظهرا إسلاميا في ماليزيا ولكن أيضا الشعائر الإسلامية المختلفة والعادات وتشمل الحياة الخاصة والعائلية بين الناس في ماليزيا .
2- الشعائر الإسلامية والحسينية و الأعراف ذات الصلة بالدين الإسلامي.
3- الوضع المميز لعلماء الدين : برز دور العلماء المسلمين في الساحة الماليزية من خلال أدوارهم في التصدي للازمات التي كادت أن تفتك بالبلاد والحفاظ على وحدة البلاد بالإضافة إلى مساهمتهم الواضحة في تخليص البلاد من الاستعمار، وقد أدى ذلك إلى زيادة ثقة المواطن الماليزي بالعلماء المسلمين لما أبدوه في مراحل زمنية مختلفة سطروا فيها أروع المواقف. هذا بالإضافة إلى تبنيهم حملات لفريضة الحج بين مختلف طبقات الشعب الماليزي والذي يعدّ مظهرا من مظاهر التدين من الناس في هذا البلد.
4-  نبذ العنف الطائفي والتمييز العنصري بين طبقات الشعب الواحد وهو مظهر من مظاهر تأثير الثقافة الإسلامية..
الشيعة والتشيع 
يذكر المؤرخ الماليزي (شهاب الدين المعمري) في تأريخه للتشيع في ماليزيا: أن أفواجا من البحارة العمانيين والتجار اليمنيين هاجرت وانتقلت للعيش في جزر الهند الشرقية ، بعد أن وجدت في تلك المنطقة المناخ المناسب لمزاولة أعمالها هناك بصورة مستقرة، ولما كانت أخلاقهم ونشاطاتهم في العمل محط أنظار سكان المنطقة ، خصوصاً في الملايو بادر هؤلاء إلى التعرف عليهم والتقرب منهم لمعرفة أساس أخلاق هؤلاء المهاجرين الذين كانوا على مذهب الشيعة الإثني عشرية، حيث استغل هؤلاء الفرصة للتبليغ لمذهب الأئمة الأطهار عليهم السلام   وأدّى ذلك إلى انتشار الإسلام والتشيع تحديداً في ربوع هذه المنطقة واعتمد الإسلام دينا والتشيع مذهبا رسميا على عهد السلطان (عماد أكبر شاه) وذلك في القرن الرابع عشر الميلادي، بل إن يومي العاشر من محرم والسابع عشر من ربيع الأول أصبحا أيام عطلة هناك.
ويذكر أن هنالك عدداً من وزراء السيادة في الحكومة الماليزية تشيّعوا بعد تأثرهم بمظلومية أهل البيت عليهم السلام، بالإضافة لوجود عدد كبير من الشيعة في الجيش والحرس الملكي الماليزي، ومن أشهر الشيعة هناك الشيخ (محمد خليل عبدالقيوم) وكيل وزارة الشؤون الدينية السابق وهو من أصل عماني، وكذلك (صالح كمران) رجل الأعمال الأكثر دعما للوجود الشيعي في ماليزيا، حيث قام ببناء ثلاثة مساجد للشيعة في كوالالمبور وجوهور وسرواك   وإنشاء ست حسينيات وتسع مدارس للتعليم الديني ، مما أدى لتقوية الوعى الديني للشيعة في ماليزيا.

التفاعل بين السياسة والتديّن
وفقا للدستور الماليزي، فالإسلام هو الدين الرسمي في ماليزيا لكن الناس أحرار في اختيار دينهم، وكذلك في أداء شعائرهم الدينية ويسمح حتى لأتباع الديانات الأخرى لنشر معتقداتهم الدينية بين إخوانهم الشيعة.
 أما الملك و رئيس الوزراء وحكام ولايات ماليزيا  يجب أن يكونوا  مسلمين ولكن أعضاء مجلس الوزراء ليست بالضرورة أن يكونوا كذلك، وبهدف الحفاظ على سلامة الدين الإسلامي ، أنشأت حكومة ماليزيا منظمات وهيئات وذلك بهدف السيطرة على أنشطة المسلمين وإدارة شؤونهم.

اللغة والكتابة 
اللغة الرسمية في ماليزيا هي ميالو أو الحسا ماليزيا والتي تستخدم في النظام التعليمي، والمراسلات داخل البلاد. أما اللغة الثانية فهي اللغة الإنجليزية.

عقد المسابقة القرآنية سنوياً
واحد من البرامج الثابتة من الحكومة الماليزية التي يجري بانتظام هو عقد مسابقة دولية لتلاوة والحفظ والتفسير للقرآن الكريم الذي يقام عادة في شهر رمضان سنويا. هذه الظاهرة تبين اهتمام الحكومة الماليزية في القرآن الكريم بالاضافة الى عقد ندوات ومؤتمرات سنوية مثل قمة رؤساء منظمة المؤتمر الاسلامي، فضلا عن ندوة وزراء خارجية الدول الإسلامية والتجارية الأخرى.

المساجد 
• المسجد الوطني (مسجد نيجارا)
وهو المسجد الرئيسي في العاصمة و يمتاز بتصميمه الحديث الذي يحاول التوفيق بين عناصر العمارة الإسلامية و العمارة الحديثة من حوله. فهو مزين بلوحات من الخط العربي ويحمل قبة متعرجة ذات أبعاد هندسية منتظمة , إلا إن أكثر ما يلفت النظر في هذا المسجد هو مئذنته المربعة التي ترتفع 73 مترا لتنتهي بشكل هندسي متعرج يشبه المظلة.
• مسجد السلطان عبد العزيز شاه
و يقع في وسط مدينة شاه علم و يعرف بالمسجد الأزرق نسبة إلى قبته الزرقاء الموشحة بالأبيض , وهو من أهم معالم الولاية لما يتميز به من تصميم بديع و مساحة واسعة تجعله من اكبر مساجد العالم بالإضافة إلى مناراته الأربعة التي تعتبر اكبر مآذن العالم بارتفاع يبلغ 143.3 مترا.
• مسجد كمبونج هولو( في ولاية ملاكا)
وهو أقدم مسجد قائم في ماليزيا اليوم وقد بناه المختار شمس الدين ( داتو شمس الدين) في عام 1728 م و نمط بنائه متميز مما يدل على أصالة الفن الملاوي , اذ لا مثيل لهذا الطراز من البناء في العالم.
• مسجد كابيتنان في جزيرة بينانج
وقد سمي بهذا الاسم نسبة الى التاجر الهندي المسلم المعروف قادر محي الدين , الملقب بـ ( كابتن كلينيك) الذي قام ببناء هذا المسجد في بداية القرن التاسع عشر الميلادي.
• مسجد توانكو تينجاه زهرا( في ولاية ترينجانو)
ويبعد عن مركز المدينة 5.4كم إلى الجنوب و هو مصمم بشكل فريد يعطي الداخل إليه انطباعا بان المسجد يطفو على الماء.
• مسجد الولاية( في ولاية كلانتان)
ويسمى أيضا المسجد المحمودي و قد استغرق بناؤه عقدا كاملا في عهد السلطان إسماعيل الرابع.
• مسجد الظاهر( في ولاية قدح)
يعتبر مسجد الظاهر من المعالم البارزة في ولاية قدح, و يقع في وسط مدينة الورستار ويتميز هذا المسجد بتصميمه التقليدي.