الأمانة الوظيفية..تكليف رسمي لأداء المهمة

لا يختلف العقلاء على أن النجاح ثمرة العمل، وأن العمل الناجح لا يتأتى إلا من خلال توافر عناصر مهمة يقع على رأسها الأمانة والإخلاص في العمل، ومن المحال بدون توفر هذين العنصرين الوصول الى المرام بالطرق الشرعية والصحيحة التي ترضي الله تعالى والمجتمع والقانون، وبمتابعة واستقراء دقيقين لحال الأمم المتطورة والمتقدمة يتضح أن على رأس أسباب وصولهم الى ما هم عليه اهتمامهم الواعي بجانب الإخلاص في العمل وإضفاء عنصر القداسة عليه وعدم التهاون مع من يخالف ذلك.

صفات الموظف الأمين

في هذا المضمون تحدث الاستشاري من مركز الإرشاد الأسري في العتبة الحسينية المقدسة  الدكتور عبد عون المسعودي فقال " قال الله تعالى في كتابه الكريم ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاً) (سورة الأحزاب , الآية :72) وأمرنا الله سبحانه وتعالى في موضع آخر إذ قال تعالى ( أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها), وفي حديث شريف قال نبينا محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) في وصف المنافق ( وإذا ائتمن خان) من ذلك نكتشف أهمية الأمانة الوظيفية التي تتعلق بعمل الأفراد وما اؤكل اليهم من مهام وواجبات وفقاً لقدراتهم العقلية والنفسية والاجتماعية والجسمية ، كما إننا نعلم إن الأعمال مختلفة وان مسؤوليات العاملين أو الموظفين مختلفة هي الأخرى فمثلا إن مسؤولية رئيس الدولة تختلف عن مسؤولية الموظف البسيط في دائرة ولهذا فأن تحقيق الأمانة تزداد أهميته وفقاً لمرتبة العمل أو المهنة التي تسعى إلى تقديم الخدمات اللازمة لأبناء المجتمع وفقاً للقوانين المنصوص عليها في دساتير الشعوب وبما يضمن رضا الله والناس.

وذكر المسعودي أن " من صفات الموظف الأمين في مهنته:

1- اشغال الوقت المخصص للعمل بالعمل، وعدم الانشغال بأعمال في مسؤوليتها أو بأمور شخصية.

2- الالتزام بالتعليمات والقوانين.

3 - حفظ أسرار المؤسسة وأفرادها كجزء من الأمانة الأخلاقية في العمل أو المهنة.

4- اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لأن الأمانة الوظيفية تلزم المسؤول بوضع الأمور في مواضيعها والابتعاد عن المحسوبية في ادارة مهام وظيفة ما.

5- على المسؤول أو القيادي في مؤسسة ما أن يتحلى بالصفات الاسلامية الحميدة لكي يكون انموذجا  يقتدى به من قبل موظفي المؤسسة التي يترأسها.

6- معاملة الناس بالحسنى والعدل وعدم التمييز بين الناس في حقوقهم سواء كانوا داخل المؤسسة أو خارجها.

7- أن يتحلى الموظف بالعفة وعزة النفس وأن لا يرتكب المعاصي كأخذ الرشوة أو التقصير المتقصد في عمله على حساب الآخرين، أو ابتزاز الناس وانتهاك حرماتهم من خلال استغلال منصبه الوظيفي.

8- على الموظف تطوير أداءه وتنمية قدراته ومهاراته التي يتطلب العمل وخصوصا بعد دخول تغيرات وأدوات لتسهيل وتقديم الخدمات وزيادة الفاعلية والانتاج.

9- على  الأمانة الوظيفية اخضاع كل موظف لقياس اداء ما وتعزيز المتميزين ومحاسبة المقصرين منهم في عملهم".

التقصير الوظيفي والجانب الشرعي

قال الشيخ انصار الاسدي " إن التطرق لموضوع التقصير في العمل والأداء الوظيفي يعد أمراً مهماً خصوصاً في زمانناً هذا، وهو ممّا نَهى، وحذر منه الإسلام، وحرمه بلا شك,  كما يفتي فقهاؤنا بحرمة ذلك إذا كان التقصير بالعمل لغير عذر، ومن غير اجازة من مسؤول العمل,  نعم إذا كان مع وجود السبب واجازة، أو استئذان من مسؤول العمل، وكانت من صلاحياته منح الإذن في ذلك، فخرج الموظف من عمله ممّا لا شك يسبب تقصيرا في أدائه الوظيفي، فلا بأس به حينئذٍ، ولكنه خلاف توجهات الدين، والإنصاف.

وبين"  فلا يجوز للموظف التخلف عن الانظمة التي تعهد برعايتها بموجب عقد توظيفه من تقديم الخدمة الناس، فيجب على الموظف أن يؤدي العمل كما طُلب منه ؛ لكي يستحل الراتب الذي يأخذه مقابل ذلك العمل، فإن حصل منه تقصير في العمل، فأنه لا يستحق الراتب كاملاً ؛ لأنه لم يؤد العمل على الوجه المطلوب، فالوقت الذي قصر فيه لا يستحق الراتب عليه.

واوضح الاسدي"  أن الإسلام على لسان النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) حثوا، وأكدوا على أداء العمل كاملا، وإتقانه تماماً، فينبغي للإنسان أن يتم كل أمر كُلف به، وإن يتقنه، على أتم وجهٍ تخلقاً بأخلاقه تعالى كما قال الإمام (عليه السلام): (تخلقوا بأخلاق الله)، ولقوله (صلى الله عليه وآله): (رحم الله امرءا عمل عملاً فأتقنه)، أو أن (الله يحب عبدا اذا عمل عملا أحكمه), والإتمام، والإتقان شامل لكل عامل، وفي أي موقع حتى في البيت ونحوه.

وأكد " ان الوظيفة العامة واجبات، ومسؤوليات هدفها الأساس خدمة المواطنين، وبالمقابل للموظف حقوق مالية، ومعنوية ممّا يعني أن الموظف مطالب أن يعطي من أمانته، وجهده، وإخلاصه، وتفانيه في عمله بقدر ما يتوقع أن تلتزم جهة عمله بالوفاء بكل ما له من حقوق، فالتقصير في أداء الأعمال، إما بعدم الانضباط في الدوام، أو بتأخير العمل، أو عدم التعاون، أو بارتكاب المخالفات الإدارية، والمالية أمر قد يحصل من بعض الموظفين غير أن الأنظمة لوظيفية لم تغفل هذا الأمر، ووضعت عقوبات على بعض هذه الأنواع السلبية في الأداء الوظيفي، وحتى لو لم يعاقب والقانون غفل عن الموظف إلا أنه يبقى مقصر في نظر السماء، ولا استحقاق له مما أخذه في قبال عدم أدائه للعمل المطلوب منه.

وقول الله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ),  خطاب للجميع، وفي الخبر: لو أن رجلا عمل في صخرة لا باب لها، ولا كوة لخرج عمله إلى الناس كائنا ما كان,  فاتقوا الله في إتقان العمل، وأدائه بصورة صحيحة ترضي الله تعالى وأولياءه والمؤمنين".

التقصير الوظيفي والعقوبات القانونية

القاضي محمد ميري جبار بين أن" الوظيفة هي تكليف رسمي وان الموظف يحدد في اطار عمله بإصلاحات ممنوحة له لعمله الوظيفي واي تقصير يحدث الموظف اثناء عمله الوظيفي المكلف به قانونا يسأل اذا  ما كان هناك اهمالا جسيما او طفيفا قد تطرق القانون العقوبات العراقي في المواد (340) بالنسبة الاهمال الجسيم والذي يعد من الجرائم فيها اشتراك وفق المواد (47-  48-49 ) عقوبات, وان تلك المواد تصل عقوبتها الى الحبس كونها من جرائم الجنايات, وكذلك نصت المادة (341) عن الاهمال الطفيف منت قبل الموظف الذي يساء استخدام سلطته  وهذه تعد جريمة من جرائم الجنح والتي يحال فيها الموظف بعد اجراء التحقيق الاداري واثبات تقصيره الى محكمة الجناح المختص لاتخاذ الاجراءات القانونية المختصة وفق المادتين اعلاه.

واضاف" ان المادة (333) من قانون العقوبات التي تتحدث عن السلطات التحقيقية  التي تسوء استخدام الوظيفة والمهنة المكلف بها مثل استخدام وسائل التحقيق من الضباط او القائمين بالتحقيقات وتعذيب المتهمين وهذه صورة من صور اساءه استخدام السلطة والوظيفة وتلك المادة تعد من جرائم الجنايات والتي يحال بموجبها الموظف الى محكمة الجنايات المختصة.

تقرير: عماد بعو