المسؤولية

يحيى الفتلاوي

بات معروفا  أن الله تعالى قد أكد على وجود مسؤوليات ملقاة على الأفراد أقلها مسؤوليتهم عن أنفسهم دون الآخرين، فإن يشأ حملها الأوزار المستوجبة العذاب والعقاب، أو جعلها من الأنفس السعيدة في الدنيا والآخرة في حال تسييرها في الطرق السليمة الصحيحة.
وإن اهتمام الشريعة الإسلامية بهذا الجانب وتأكيدها عليه سببه ما له من أثر فاعل في خلاص الفرد من جهة وفي تنقية المجتمع من الآفات والأضرار، وجعله مجتمعا مثقفا نقيا من المشاكل من جهة أخرى، ومن بين أهم ما ورد في هذا الأمر قوله تعالى:(يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا اهتديتم). 
هذا في المجال الفردي أما في المجال المجتمعي فقد تم التشديد على ضرورة القيام بالمسؤوليات الملقاة على من يتولون أمور المجتمع بالشكل الأمثل والمطلوب، لما يستتبع ذلك من تحقيق للعدالة والاستقرار ومن منافع للناس وخلق حياة تؤدي الى ازدهار وتطور المجتمع، ويكاد يكون أحد أبرز المصاديق في هذا الجانب قول الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم: كُلُّكُم راعٍ ، وكُلُّكُم مَسئولٌ عن رعيَّتِه.
وقد تذهب الآراء إلى أن هذا الأمر متعلق بالمسؤولين فقط، وان جانب الإعلام ليس له حظ أو نصيب من الأمر، ومن المؤكد أن ذلك مناف للصواب حيث أن الإعلام - وبخاصة اليوم- أصبح واحدا من أهم وابرز المسؤولين عن قيادة المجتمعات وتوجيهها.
وقد ذهب بعض الإعلاميين هنا أو هناك إلى تفسير مقولات إعلامية حسب مفاهيم مغلوطة بعيدة عن الواقع الذي وضعت من أجله وذلك في محاولة منهم – ربما- لإقناع أنفسهم بأنهم غير مخطئين في ما ذهبوا إليه من فعل أو قول، منها تفسيرهم لمقولة الأمانة الإعلامية بأنها ضرورة تطبيق سياسة الجهة الإعلامية التي يعمل لديها الإعلامي بغض النظر عن كونها – السياسة الإعلامية- تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع أو إلى إحداث حالة إفساد معينة فيه أو غير ذلك من المساوئ.
 وما ذلك إلا لاستمرار الحصول على المردودات المالية التي يتقاضونها من تلك الجهات، متناسين أو متجاهلين أن تلك الأمانة الإعلامية غير منفكة بأي شكل من الأشكال عن المسؤولية أمام المجتمع ككل، وأمام الله تعالى فوق ذلك.
إن المسؤولية الإعلامية من بين أهم المسؤوليات، وقدأصبح الإعلامي والجهة الإعلامية من بين أكابر المسؤولين أمام الله تعالى عن مجتمعاتهم، لذلك ينبغي لكل إعلامي أن يتوخى الحذر وان لا ينجرف وراء الأهواء والمغريات ويبيع عقله ودينه وإنسانيته، ويؤدي إلى دمار مجتمعه من أجل دراهم معدودة زائلة تذهب، ويبقى شنار ما تم تحصيله بها ملاحقا له في الدنيا، ومن ورائه عقاب شديد في الآخرة.
ولتكن رائدتنا في هذا المجال كلمات الله تعالى ومنها قوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ). وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(‏‏اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة‏) تنجي من العذاب وتؤدي إلى الصلاح للفرد والمجتمع، وتجعلنا ناجحين في تأدية الرسالة الإعلامية التي يريدها الله تعالى، لا الرسالة التي يريدها أعداؤه وعلى رأسهم الشيطان وأتباعه.