!لا تُسيء إلى العنوان

جوار الحسين عليه السلام نعمة إلهية، من يحظى بها تقع على عاتقه مسؤولية مضاعفة تجاه نفسه وتجاه الآخرين الذين يعمل معهم أو يصادفهم او يحتكُّ بهم، وهذه المسؤولية تجاه النفس والآخرين قد تتعرض بين حين وآخر إلى الغفلة أو الضمور، بسبب تعوّد الذهن على الصورة التي تقع عليها ناظرَي الإنسان كل يوم، معتقِداً أن التزامهُ شيء مفروغ منه ولا جدال فيه، بحُكم تواجده بجوار هذا المقدس الطاهر او العمل في خدمته وخدمة زائريه، وبالتالي يتصاعد لديه الحس المادي والاهتمام بالحصاد الدنيوي اليومي، بمقابل اضمحلال الجانب السلوكي والمعرفي والفكري والديني المطلوب، دون انتباه منه، من حيث أن كل شيء في هذه الحياة بحاجة إلى تنمية، وتذكير، ومستلزمات دوام، واستمرارية.

هذا الأمر بالنسبة للعاملين في خدمة سيد الشهداء هو غايةً في الأهمية والحساسية، لأن كل واحد منهم يُعد ممثلاً للعتبة وإدارتها ومنتسبيها جميعاً، فإذا أحسنَ أحدهم سيأتي الصدى بأن خَدَمة الإمام الحسين عليه السلام مُحسنين، وتنعكس صورة ذلك على وجوه وألسنة الزائرين وسنسمع بها أو نراها ربما في أقاصي الأرض وأطرافها، وإن أخطأ أحد هؤلاء الخَدَمة بقصد أو دونه، فإن الصدى سيحمل صورة مشوّهة تترتب عليها تداعيات وانطباعات مؤسفة، ليس أقلها صدّ الناس عن أهمية الالتزام الديني والأخلاقي والإنساني العام، ومصادرة جهود العاملين في خدمة العتبة وزائريها ليل نهار، لكي يوصلوا الصورة الناصعة للأخلاق الإسلامية ويرسّخوا معنى أن يكون الفرد في خدمة المقدّس ومحبّيه وأتباعه.

ليس هذا فقط إنما يجب أن ندرك أنه في كل قول او سلوك بعيد عن المثالية والود والأخلاق، فإننا سنكون قد صادرنا عِظَم الرسالة الفاضلة التي كتبها إمامنا عليه السلام بدمه الزكي ودماء أهل بيته الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وهذا الكلام موجّه لكل مَن انتسبَ لهذا الصرح المعظَّم وبالخصوص لمَنْ هُم على تماس يومي مع الزائرين القادمين من كل بلدان العالم، فنقترح هنا على سبيل المثال لا الحصر، أن تقام دورات في فن التعامل المثالي مع الزائر وكيفيات احتواء المشاكل التي قد تنشأ من جراء الزخم الكبير في الزيارات، وما يترتب عليها من إجهاد وضغط سواء على الزائر أو خادم الإمام، وحتى مسألة انتخاب لجان استقبال الضيوف يجب أن تخضع هي الأخرى لمعايير واضحة ومحددة، دون تهاون لأن الفرد هنا سيمثّل وجه العتبة المقدسة وسيتحدث معبِّراً عنها.

وهذه مجرد ذكرى - لأنفسنا -  نتمنى أن يصل صداها لكل مَن جاورَ هذا الإمام العظيم أو عملَ في خدمته وخدمة زائريه، حيث قال تعالى: (فذكّر إن الذكرى تنفعُ المؤمنين).

صباح الطالقاني

الصورة: حكمت العياشي