السياحة الدينية بين الواقع والطموح

م.م ناجحة هادي مهدي

تعددت تعريفات السياحة ومفاهيمها، وكلّ منها يختلف عن الآخر بقدر اختلاف الزاوية التي ينظر منها الكُتّاب، فالبعض ينظر إلى السياحة بوصفها ظاهرة اقتصادية، ومنهم من يركّز في دورها في تنمية العلاقات الدولية، أو يصفها عاملاً من عوامل العلاقات الإنسانية، وذلك بسبب تشعّب هذا المفهوم، وتعدّد الخلفيات العلمية والثقافية لكُتّابها، ولعلّ أوّل من وضـــــــــع التعريف المنضبط للسياحــــةِ هما الأستاذان السويسريان هنزيكر Hunzeker وكرافت Kraft في كتابهما (النظريـــــــة العامة للسياحة)، الذي ظهر عام 1942م، بقولهما: السياحة هي المجموع الكلي للعلاقاتِ والظواهر الطبيعية التي تنتج من إقامةِ سائحين طالما أنّ هذه الإقامة لا تؤدي إلى إقامةٍ دائمةٍ، أو ممارسة أي نوع من أنواعِ العمل، سواء أكان عملاً دائماً أو عملاً مؤقَّتاً،وقد قسمت السياحة على قسمين خارجي وداخلي، وغالباً ما تقع السّياحة الداخلية داخل حدود الوطن من قِبل مواطني الدولة أنفسهم، وتعد دعامة من دعائم الاقتصاد القومي، وصناعة تأتي في طليعة الصناعات المنتجة الناجحة، لأنَّ نموّ السياحة الداخلية من شأنه أن يمهِّد الطريق أمام المناطق السياحية لتحقيق النموّ الرّأسي للمشروعات السياحية المتخصصة، هذا فضلاً عن ضمان التشغيل المنظّم للمرافق السياحية على مدار السنة، وبما أن العراق يمتلك كثيرا من مقومات السياحية الدينية وفي مقدمتها مراقد الأئمة الطاهرين والتي هي محط أنظار الملايين من المسلمين بما فيهم السائحين المحليين الذين يتوجهون إلى زيارة العتبات المقدسة في جميع المناسبات الدينية، وبذلك يحتل العراق المرتبة الأولى في مجال السياحة الدينية بعد المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي، وهكذا نفهم أن العوامل الدينية لها الأثر الإيجابي الكبير في تنشيط السياحة المحلية في العراق، وتعدّ السياحة الدينية في العراق من أشهر أنواع السياحة، بل إنها تتفوّق على السياحة التاريخية، إلاَّ أنه لا يمكن قياس أعداد السائحين المحليين في مجال السياحة الدينية وعزلهم عن بقية السائحين، لأنّ الإحصائيات المتاحة من قِبل الجهات الرسمية هي إحصائيات إجمالية لا تفصَّل بين السائحين طبقاً لأنواع السياحة.

إن هناك عدد كبير من العوامل التي تواجه السياحة الدينية الإسلامية في العراق بشكل عام، والسياحة بشكل خاص، "ومعرفة هذه العوامل تنتج الفرصة لإيجاد الحلول الوافية والكافية من أجل النهوض بهذا النمط المهم من السياحة، وكذلك الارتقاء إلى مستوى أفضلّ يليق بمكانة المشهد الديني وأهمَّيته الكبيرة، بصفته مركز جذب سياحي ديني مهم يأتي في الدرجة الأولى مثال ذلك: النجف، كربلاء، بغداد، سامراء وتعدُّ من المناطق المقدسة في العراق، وتحتضن كثيرا من مراقد أئمة أهل البيت (عليهم السلام). فضلا عن المزارات الدينية المهمة الأخرى لبعض الصحابة وفقهاء المذاهب الإسلامية والأولياء والصالحين وآثار شواهد الأديان السماوية الأخرى، ومن هذه المشكلات:

  1. ضعف وانكماش التجربة السياحية ناتج عن ضعف المسؤولين عن إدارة وقيادة القطاع السياحي، بالرغم من وجود إدارة للقطاع السياحي الرسمي تأخذ على عاتقها المسؤولية التي حددتها لها القوانين المنظمة لعمل هذا القطاع، فأن الحاجة ما زالت قائمة لكوادر متخصصة ومؤهلة في كل المستويات الإدارية والاكاديمية وحاصلة على التدريب المناسب للقيام بالمهام الموكلة إليها.
  2. ضآلة الاستثمار والتمويل السياحي وعدم رسم الأطر الصحيحة والمناسبة لمساهمة القطاع الخاص في التنمية السياحية.
  3. تحجيم دور الروابط والاتحادات التي لها علاقة بالعمل السياحي والفندقي مثل رابطة مكاتب السفر السياحية ورابطة المطاعم والفنادق وجمعية الأدلاء السياحيين وغيرها.
  4. قلة تبلور الوعي والإدراك الكافي بالسياحة وأهميتها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحضاري.
  5. عدم استقرار السياسات والإجراءات السياحية والناتج من غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي، وفضلاً عن سيطرة المركزية وغياب اللامركزية في إدارة هذا القطاع.
  6. تردي مستوى النقل من حيث رداءة معظم الطرق الرئيسة المؤدية إلى المواقع الدينية وكذلك سوء التخطيط للمواقع الدينية وتوزيع الطرق المحيطة بها مما يسبب الازدحام والفوضى المرورية.

ولغرض النهوض بالواقع السياحي وتطوير المرافق السياحية علينا الاهتمام بما يلي:

  1. ضرورة إيجاد تنظيم سياحي قوي ومتخصص قادر على قيادة العمل السياحي وتطويره من خلال إتاحة الفرصة للعناصر المتخصصة لكي تأخذ مكانها المناسب وتضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
  2. ضرورة منح القطاع الخاص التسهيلات والامتيازات والإعفاءات وحثه على الإسهام الفعال في تطوير السياحة سواء عن طريق إنشاء الفنادق والمرافق السياحية المختلفة أو في توفير وسائل النقل. الحديثة أو في إنشاء الأسواق التجارية المتطورة في أماكن الجذب السياحي.
  3. ضرورة قيام المهتمين بالقطاع السياحي بحملات إعلامية وإعلانية تستلهم المادة الحضارية للعراق المتمثلة بالأدب والفنون والتقاليد والعادات والإرث التاريخي لما لذلك من أهمية في زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية السياحة ودورها في تحقيق الرفاهية للشخص والمجتمع.