الشعائر الحسينية دلالة تقود الى الله (تعالى)
بسم الله الرحمن الرحيم (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
الشعائر بحسب اللغة تعني الدلالة، ولو اردنا ان نطبق هذا اللفظ على هذه الآية المباركة نجد ان معنى الشعائر يصبح هكذا كل شيء فيه دلالة على الله (سبحانه وتعالى) ويقود الإنسان الى الله (عز وجل)، والاسلام بين بعض مفاهيم ومصاديق الشعائر كما جاء في الآية الكريمة (ان الصفا والمروة من شعائر الله)، فالقرآن الكريم هنا يشير الى الشعائر ويبين مفردة من مفرداتها ويأتي بلفظ (من) لكي يبين لنا ان الشعائر لا يُقتصر فيها على هذا المذكور فقط، و(من) هنا تبعيضية، وهنا يصح لنا ويجوز ان نصف بعض الممارسات التي يؤديها الموالون لاهل البيت (عليهم السلام) في شهر محرم الحرام من قبيل اقامة مجالس الذكر والركضة الحسينية ومجالس العزاء وغيرها من الامور بالشعائر الالهية".
وبإمكاننا ان ننطلق من ما جاء في القرآن الكريم وتطبيقاته الى غيره من باقي المصاديق من خلال هذه الاشارة نقول ان مراسيم الحج فيها دلالة توحيدية، وفيها دلالة على الامتثال للأوامر الالهية كالسعي بين الصفا والمروة، وتقديم البدن الى بيت الله الحرام، فالحج قائم على اساس التوحيد بطقوسه وممارساته و بالنتيجة كل شيء فيه دلالة تقودك الى الله (تعالى) ويدعوك الى طاعته فهو من مصاديق الشعائر، والشعائر الحسينية هي شعائر إلهية لان اقامة الشعائر التي لها ارتباط بالحسين (عليه السلام) يعد تقربا الى الله (سبحانه وتعالى) لان الحسين هو إمام مفترض الطاعة ومنصوب من قبل الله (عز وجل) وهو خليفة الله في ارضه فلابد من تعظيمه وتعظيم مبادئه وقيمه".
ان اقامة الشعائر يجب ان يكون وفق ما ثبت بدليل خاص او دليل عام، والدليل الخاص يكون من خلال النصوص الثابتة ولا جدال فيها مثلا البكاء على الحسين او المشي الى الحسين او زيارة الحسين، هذه ممارسات وردت فيها خصوصيات تشير الى شعائر فيها الدقة والتشخيص، والذي لا يوجد فيه نص خاص يكون فيه نص عام كالجزع على الإمام الحسين او الانفاق على المجالس الحسينية، هذه توجد فيها عموميات ولكن التطبيقات والممارسات يرجع فيها الى العرف".
ونحن عندما نميز بين النص الخاص و العام نهدف الى توضيح الكيفية التي تقام من خلالها الشعائر حتى لا نقع في فخ البدعة فعندما نريد ان نمارس الشعائر الحسينية علينا ان نسأل عن النص العام او الخاص عن هذه الشعيرة فأن وجد فلنعمل به، وان لم يتوفر الدليل فعلينا الوقوف، فالوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، ولابد ايضا ان نأخذ بنظر الاعتبار اننا في عصر العولمة والتداخل الحضاري فمن اجل ان لا يتعرض الدين الاسلامي والشعائر الى التضعيف و التوهين و السخرية من قبل اعداء الدين يجب ان نبتعد عن الممارسات الشعائرية التي لا دليل عليها لا خصوصا ولا عموما، وان نأخذ بنظر الاعتبار انه لا يوجد ضرر على انفسنا ولا ضرار على الاخرين، وان لا نخالف القانون والنظام العام، وان لا يستلزم اقامة الشعيرة عمل محرم".
ونحن نحث كل من يمارس الشعائر الحسينية ان يأخذ بنظر الاعتبار ان الإمام الحسين (عليه السلام) هو مشروع للإنسانية كافة وإنقاذ الامة من عبودية الطواغيت والجهل والضلالة، وهذا لا يتحقق إلا بالرجوع الى المبادئ التي ضحى من اجلها الإمام الحسين (عليه السلام) ورفعها شعارا في ثورته المباركة عندما قال (انما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله)، فنحن بحاجة الى ترسيخ المبادئ التي ضحى من اجلها الإمام، وننصره ليس من خلال البكاء او اللطم او لبس السواد فقط، وانما ايضا ننصره من خلال اتباع منهجه ومنهج الحسين هو الإسلام".
==================================================
الشيخ عماد الاسدي، مستلة من تحقيق اجرته مجلة الروضة الحسينية بعددها 104بعنوان ( الشعائر الحسينية طقوس عبادية ومشروع تحضر)