زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) معرفةً لا كمّاً

حميد جاسم عبود الغرابي

جامعة أهل البيت (عليهم السلام)

لو أردنا التحدث عن ثقافة الناس العاشورائية ومدى انسجامها مع وصايا آل البيت (عليهم السلام) والبحث عن فلسفة الشعائر والطقوس الحسينية نجد أنها في أحد وجوهها تعبير وجداني وفطري ونجد في التراث الفكري والروائي ما يبرر بعض تلك الشعائر والطقوس كونها تعبير عن جوهر الإنسان المسلم قبل الموالي ووسيلة يفصح بها الموالي عن نصرته وحبه وولائه المطلق للعترة الطاهرة (عليهم السلام) ولكن ذلك ليس كافيا لقطع الطريق على الذين يشككون بتلك الشعائر وأهميتها في التواصل العاطفي والفكري بل وحتى العبادي بين الموالي وما يؤمن به.

ومن أجل ذلك لابد أن تكون هذه المفاهيم العاشورائية - كلاً لا يتجزأ- ثقافة سائدة صادقة، وبمعنى آخر لابد أن نفهم هذا اليوم العظيم الشأن بكل أبعاده ونكون فيه وفي غيره من الأيام بمستوى المسؤولية الملقاة على أعناقنا كأتباع لأهل البيت (عليهم السلام) وان نعي بأننا في عاشوراء وفي غيرها أيضا إنما نصوغ خطابا إسلاميا إنسانيا نتواصل به مع كل الفرق والطوائف والمجتمعات الإنسانية، فنحن نؤمن بأن زيارة الحسين (عليه السلام) تتضمن أبعادا دينية وتاريخية وسياسية واجتماعية وأخلاقية وإن نص الزيارة هو إحدى وسائل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في رفد شيعتهم بطاقات من الورع والتقوى والإيمان وهو نص مقدس لأنه في عقيدتنا صادر من إمام معصوم أخذه عن جده المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، كما أرادها الأئمة (عليهم السلام) أن تكون خطابا يعمق فينا روح الانتفاضة والرفض لأصناف الظلم والظالمين والخنوع.

 ونحن كوننا ننتمي لمدرسة الطف علينا أن نعي بأننا نعيش مأساة الحسين (عليه السلام)  لحظة بلحظة، أولسنا نقرأ فيه (إن هذا يوم تبركت به بنو أمية) (وهذا) اسم إشارة للقريب وما ذلك إلا دلالة على أن يوم عاشوراء وكربلاء لا يعتريه القدم بتعاقب الأيام إنما هو يوم قريب لأنه يعيش في قلوب ونفوس المؤمنين مهما طال الزمن وبعد المكان.

 ولذلك فإننا إنما نقوم بتلك المراسيم تعبدا لله وتلبية لنداء الحسين (عليه السلام) في ظهيرة ذلك اليوم وطاعة لوصايا أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) فمن هذا المنطلق ينبغي على كل موالٍ حقيقي استيعاب نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وأهدافه النبيلة التي من أجلها ضحى بأهل بيته وأصحابه (رضوان الله تعالى عنهم) طلباً لمرضاة الله.

 ولكي ننال رضا الله عنا ورضا أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) فلا ينبغي لنا أن نكرس جل اهتمامنا على زيادة عدد زوار الإمام الحسين (عليه السلام) كما ًفقط، ولكن المهم أن نزيد من عدد الذين حافظوا على زيارتهم وعرفوا الحسين (عليه السلام)  حق معرفته.