كريستوفر توماس: من الضروري جداً الاقتداء بالإمام الحسين(عليه السلام)

الباحث في تقارب الأديان كريستوفر توماس:

من الضروري جداً الاقتداء بالإمام الحسين (عليه السلام) والتعرف أكثر على منهجه وبثه الى العالم

تُعد الفعاليات الثقافية ذات الصبغة الدولية أداة حيوية في تنشيط أطر المعرفة والتلاقح الثقافي بين المجتمعات والأمم المختلفة، ما يؤدي الى فَهم الآخر فهماً يمكن من خلاله استيعاب اختلافه عنّا واعتبار ذلك من المُخرجات الطبيعية لتعدد الثقافات والعادات والتقاليد الإنسانية.

ويبرز مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الذي تقيمه العتبات المقدسة في كربلاء سنوياً كأنموذج لما تقدَّمَ من طرح، تُستقطَب من خلاله العديد من الشخصيات والكفاءات العلمية والأكاديمية العالمية الشَغوفة بالتواصل وبناء جسور الحوار والمعرفة والتعارف.

وفي حوارنا هذا استثمرنا أجواء مهرجان ربيع الشهادة، لتبادل الحوار والنقاش مع الباحث في تقارب الأديان كريستوفر توماس، الذي عملَ في مجال التدريس الديني للمسيحية و الإسلام على مدى 40 عاماً.

 ما هي أهم انجازاتكم في مجال تخصصكم؟

• مارستُ تعليم وتدريس المسيحية لمدة عشر سنوات وبعدها عملتُ في تدريس وتعليم الإسلام لمدة 30 عاماً، وخلال هذه المدة الطويلة قمتُ بتأليف عدد من الكتب التي تهتم بتعاليم الديانات وسبل التعايش، ولكن مهمتي الأوسع هي ايجاد سبل التلاقح بين الأفكار والتركيز على حوار الأديان في كافة المجتمعات، لأنني وجدتُ عناصر عديدة مشتركة لتحقيق التعايش بين المجتمعات، وأن بداية هذا التعايش هي ضرورة إدراكنا بأننا جميعاً بشر ونحمل صفة الإنسانية وهي التي تجمعنا،  ولا يجب أن نترك مجالاً للتمييز العنصري والطبقي بين أصناف البشر لأننا كلنا سواسية.

 ما أهم العِبر المستخلصة من تضحيات الإمام الحسين عليه السلام، وفق رؤيتكم الشخصية؟

• حينما أتحدث الى السياسيين دائماً ما أضع قضية الإمام الحسين وما نتج عنها من تضحيات من اجل الحق ونصرة الدين والإنسانية كمبدأ من اجل السير على النهج الصحيح، فهناك الكثير من العِبر والدروس التي تحملها نهضة الحسين الاصلاحية.. ونأخذ مثلاً عندما أراد يزيد أخذِ البيعة من الإمام الحسين فرفض الإمام المبايعة لأن يزيد ببساطة حاكم ظالم وفاسق، ومن هنا نسأل الناس والسياسيين على حد سواء، هل تصافح الظالمين وتبايعهم أم تسير على نهج الإمام الحسين وترفض الظلم والاستبداد؟ ومن خلال نوع الجواب نعرف حقيقة هذا الشخص مواطناً كان أم مسؤولاً.

من الضروري جداً الاقتداء بالإمام الحسين(عليه السلام) والتعرّف أكثر على منهجه وبثه الى العالم كله، لأن الإمام الحسين ليس للشيعة فقط وإنما هو مثال وانموذج لجميع البشرية، وقد كرّمه الله من بين الناس بصفات الشهادة والسيادة.

 كيف تنظرون الى أهمية التعايش، مع وجود الاختلاف في التركيبة الاجتماعية؟

• هناك شعوب تفتقر الى ثقافة التعايش والتحاور وخاصة في مسألة فض النزاعات لذلك من الضروري جداً تغيير هذا الأسلوب وعدم اللجوء للعنف... في انجلترا وعموم أوربا نحن نحاول أن نبني مجتمعاً متجانساً مع وجود الاختلاف العرقي والديني ونرى أن هناك نجاح جيد في هذا المضمار.

 أما بالنسبة للعراق وبعض دول الشرق الأوسط فلديكم فرصة اكبر للتعايش والتعارف، على العكس من دول أوربا التي دخل اليها الإسلام ومفاهيم التعايش متأخرة.

 أثبت الفكر التكفيري، انه لا يستهدف ديانة معينة بل هو عدو للجميع، فكيف السبيل لمواجهته؟

•  نحن نعلم أن المجاميع الإرهابية قتلت من المسلمين أكثر مما قتلت من المسيحيين والديانات الأخرى، ومع ذلك فإن هؤلاء التكفيريين يعتقدون أنهم المؤمنون دون غيرهم، وأي شخص آخر من أية طائفة تختلف معهم يكون كافراً ! نحن نرى أن الحل لمواجهة المد التكفيري يكمن في توحد المجتمع والتفافه حول نفسه من خلال التعايش السلمي والمؤاخاة، وهذه الطريقة هي المُثلى لمنع تسرّب أفكار التطرّف والإرهاب والتكفير.

علينا أيضاً أن نتعلم أدوات التعايش السلمي، ومعرفة كيف يعيش الآخرون في المجتمعات المستقرة بحب وسلام، وما هي القواعد المشتركة بيننا وبينهم، وأن نصل الى نقاط تعاون مشتركة تعزِّز فهم التعايش وترسّخ أسسهُ، وعلى كل إنسان أن يتعايش مع أخيه بعيداً عن كل الانتماءات.

 

 هل لديكم قراءة ما لفتوى المرجعية الدينية العليا للدفاع عن العراق وحفظ التعايش السلمي؟

•  المُتفق عليه هو أن الصورة التي ينقلها الإعلام الغربي سيئة جداً عن الإسلام، ولذلك أرى انه من الضروري جداً التصدي لهذه الإساءات، وهنا يأتي دور أصحاب الاختصاص وحَمَلة الرسالة من رجال دين وأكاديميين وإعلاميين في أن يتسلّحوا بالمعرفة ويعملوا بكافة الوسائل المشروعة للتعريف بالمفاهيم الأصيلة للدين الإسلامي... يوجد في انجلترا ما يقارب خمسة ملايين مسلم ولكن الكثير من الانجليز لا يعرفون إلا القليل عن الإسلام والمسلمين، وبالمقابل الكثير من المسلمين لا يمتلكون الثقافة والمعلومات عن المسيحية، ولا توجد علاقات جدّية بينهم حتى على المستوى الشخصي، وهكذا جهل بالآخر من الطبيعي انه سيولّد اختلافات وكراهية لأن الناس أعداء ما جهلوا، فضلاً عن أن هذا الجهل بالآخَر سيولّد فجوة يدخل منها المتطرفون ليبثّوا سمومهم ويستغلّوا الوضع لإشعال الفتن.

 حوار: سلام الطائي    تحرير: صباح الطالقاني

====================

المصدر: مجلة الروضة الحسينية/ العدد 126