ماذا يُراد من العطلة الصيفية

اعداد صباح الطالقاني

في اليوم الذي تنتهي فيه الامتحانات النهائية للطلبة يقرع جرس العطلة الصيفية، معلناً بداية فصل جديد من السنة ينتظره التلاميذ بفارغ الصبر، من اجل ان يرفّهوا عن انفسهم او يزاولون هوايات او حِرفاً معينة يحبونها او يقلّدون فيها أهاليهم وذويهم.

أرباب العوائل من جهة ثانية يعدّون العدّة في اتجاهات مختلفة لاستثمار او قضاء العطلة بوجه يحقق الفائدة لهم ولأبنائهم الطلبة، حسب الامكانات المتاحة، فضلاً عن توجّه بعض المؤسسات الدينية والمدنية والحكومية للإعلان عن نشاطات معينة لتطوير القدرات الذاتية للطلبة واستقطاب المُتميزين منهم..

ونشهد هذه الايام بدء العطلة الصيفية للطلبة، وهذا يعني انتهاء موسم شهدَ فيه الأساتذة وطلبتنا الاعزاء الذين يقدّر عددهم بالملايين انتهاء موسم كانوا فيه في حال من الجد والاجتهاد والسهر والمطالعة والكتابة، ليبدؤوا رحلة جديدة يشهدوا فيها قسطاً من الراحة والاستجمام العقلي والفكري والنفسي، ولنا أن نتسائل، كيف نستطيع ان نتعامل ونتعاطى مع هذا الموسم من التعطيل الصيفي بما يحقق النتائج المرجوة لأبنائنا الطلبة.

ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أدلى بمجموعة توصيات في خطبة سابقة من خطب الجمعة بتأريخ  17/شوال/1440هـ - الموافق 21 /6 /2019 مبيّناً" اننا نحتاج الى بناء الثقافة المجتمعية العامة الصحيحة، ماذا نفهم من العطلة الصيفية؟ ماذا يراد من العطلة الصيفية؟

وأضاف" في الواقع ان الطلبة والمدرسون يشهدون موسماً شاقّاً ومتعباً من الدراسة والتحصيل، وبحسب الطبيعة الانسانية يحتاج هذا الانسان أن يأخذ قسطاً من الراحة حتى يستعد الى موسم دراسي أصعب وأشق وأوسع، ولكن تارة الراحة يُفهم منها موسم للكسل والخمول وتعطيل الطاقات وهذا المفهوم موجود عند الكثير! فهل هذا الامر صحيح؟

بمعنى آخر، كيف نحوّل هذا الموسم الى موسم استجمام عقلي وفكري ونفسي نجدد فيه طاقة الطالب وطاقة الأستاذ؟

وبيّن ممثل المرجعية العليا" ان هذا الموضوع يتوقف على مجموعة من الامور:

أولها، لابد أن يكون لدينا توعية وفهم لنعمة الفراغ في حياة الانسان، ورد في الحديث: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).

وفي أحاديث أخرى: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) والاغتنام معناه أن تستثمر هذه الطاقة وهذه النعمة نعمة الفراغ فيما يؤدي الى بناء الطالب البناء الصحيح.

وتسائل الكربلائي" كيف نبني الطالب البناء الصحيح؟ وهل هذه العلوم تكفي لبناء شخصية الطالب الناجح وبناء شخصية ناجحة في الحياة؟ كلا، هذا مهم ولكنه لا يكفي لوحده، لأن الطالب سيتحمل مسؤولية قيادية ومسؤولية اجتماعية وأسرية وعلاقات عمل وعلاقات اجتماعية، اذا لم يتم بناءه البناء المتكامل والصحيح قد لا ينجح في حياته، فلا يكفي أن نبنيه بناء علمي أكاديمي فقط.."

وخاطب ممثل المرجعية العليا الجهات المعنية قائلاً" أود ان أبين نقطة مهمة نلتفت اليها وهي خلل اجتماعي لدى الكثير، نحن نحتاج أن نُشيع ثقافة التشارك والتعاون والتآزر في تحمل المسؤولية، فكثير منّا يحمّل الآخرين عبء المسؤوليات بتمامها، يقول الآخرين هم مسؤولين عني تعليمياً وتربوياً واجتماعياً وخدمياً وأنا ليس علي شيء..!! وهذا واقع الكثير منا! وهو يتهرّب من أداء ولو جزء من هذه المسؤولية ويطلب ان تكون المسؤوليات تُلقى على عاتق الآخرين بتمامها ومجاناً وجاهزة وهو لا يتحمل جزء من المسؤولية وهذا خطأ كبير.."

موضحاً انه" لا بد أن يُشاع لدينا مجتمعياً ومؤسساتياً ثقافة التشارك والتعاون والتآزر في تحمّل المسؤوليات بتمامها، كلٌ بحسب طاقته، فهذا الواجب الوطني والتربوي يقتضي هكذا ان الجميع يتشارك.."

وتابع" الآن نحن في العطلة الصيفية نحتاج ان نبني أبنائنا وبناتنا البناء الديني والاخلاقي والعقائدي والتربوي والنفسي الاجتماعي الصحيح وهذه فرصة في العطلة..

وهناك الكثير من المراكز دينية وعقائدية وتنموية ومهنية وغير ذلك، وهي لديها الامكانيات لأن تقيم دورات ولديها الاستعدادات الفنية والمهنية، وان تبني هؤلاء الشباب والشابات البناء الديني والعقائدي والاخلاقي التربوي الصحيح.. "

وأكد الكربلائي انه" في ذات الوقت نحن نأمل من اخواننا اساتذة الجامعات والمدرسين والمعلمين والمدرسات والمعلمات في آخر السنة أن يجتمعوا مع طلبتهم، وأن يوجهونهم ويقولوا لهم، ان هذه العطلة عدة أشهر فاغتنموا هذه الفرصة، ويعلمونهم الاسلوب الصحيح لاغتنام هذه الفرصة، ويحذرونهم من سوء الاستخدام وسوء التوظيف لهذه العطلة، ويحذرونهم من كثير من المواقع الالكترونية المفسدة والضارة عقائدياً واخلاقياً، وينبهونهم من الاستخدام السيئ لهذه النعمة وهي نعمة العمر ونعمة الشباب ونعمة الفراغ، وتوظيف هذه النِعم فيما ينفع الشاب والشابة.."

أخيراً، وفي نظرة فاحصة، نكتشف ان الجانب المُظلم يتمثَّل في إجبار نسبة كبيرة من العوائل أبنائها الصغار للعمل خلال العطلة، بل ومصادرة محصولهم، فضلاً عن قصور واضح في اهتمام المؤسسات الحكومية بشأن استقطاب الاطفال والشباب، ورعايتهم وتطوير مهاراتهم خلال العطلة.