اللهُ أَكْبَرُ وَلِلّهِ الحَمْدُ...

الحَمْدُ لِلّهِ أَهْلِ العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ ، وَأَهْلِ الجُودِ وَالكَرَمِ ، الَّذِي أَكْمَلَ الدِّينَ وَأَتَمَّ النِّعَمَ ، وَالَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالتَّعَرُّفِ إِلَى آلِ بَيْتِ نَبيِّهِ الأَكْرَمِ ، إِذْ خَصَّ - تَعَالَى - ذاتَهُ المُقَدَّسَةَ بِمَعْرِفَتِهِمْ ، وَخَصَّهُمْ دُونَ خَلْقِهِ بِخَالِصِ مَعْرِفَتِهِ ، وَجَعَلَهُمْ – صَلَواتُهُ عَلَيْهِمْ - خَاصَّتَهُ وَصَفْوَتَهُ ، وَخُزّانَ عِلْمِهِ وَحَفَظَةَ دِينِهِ ، وَتَراجِمَ وَحْيِهِ ، وَالدَّلِيلَ إِلَى عِبَادَتِهِ ، وَعَيْنَهُ فِي خَلْقِهِ ، وَحُجَجَهُ فِي أَرْضِهِ ، وَيَدَهُ اَلَّتِي فَوْقَ يَدِ جَمَاعَةِ الأَتْقِيَاءِ ، وَوَجْهَهُ اَلَّذِي إِلَيْهُ يَتَوَجَّهُ الأَوْلِيَاءُ ، وَرَحْمَتَهُ الوَاسِعَةَ الَّتِي يَرْجُوهَا المُؤْمِنُونَ ، وَحِصْنَهُ المَنِيعَةَ الَّتِي يَلُوذُ بِهَا المُتَّقُونَ.

وَالحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي جَعَلَ رِضَاهُمْ آلَ البَيْتِ رِضَاهُ تَعَالَى ، وَجَعَلَ مَوَدَّتَهُمْ أَجْرًا لِنَيْلِ جَنَّاتِهِ ، فَعَرَّفَنَا بِذَلِكَ واضِحَ السَّبِيلِ إِلَى مَرْضَاتِهِ ، سَبِيلًا لَا لَبْسَ فِيهَا إِذَا مَا أَشْكَلَتِ السُّبُلُ ، فَلَا رَيْبَ يَعْتَرِيهَا وَلَا خَلَلَ ، كَيْمَا يُجَنِّبَنَا تَعَالَى باطِلَ النِّحَلِ ، وَيَعْصِمَنَا بِهِمْ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - مِنْ فَاسِدِ المِلَلِ ، فَلَا يُأْفَكُ عَنْهُمْ بَعْدَ تَمَامِ الحُجّةِ إِلَّا مُعَانِدٌ شَقِيٌّ ، وَلَا يُنازِعُهُمْ فِي أَمْرِهِمْ إِلَّا أَفَّاكُ غَوِيٌّ.

وَالحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي مَزَجَ ذَوَاتَهُمْ - أَهْلَ البَيْتِ - بِذَاتِهِ العَلِيَّةِ ، فَجَعَلَ الإِشْرَاكَ بِهِمْ - صَلَواتُهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ - إِشْرَاكًا بِهِ جَلَّ وَعَزَّ ، وَجَعَلَ أَسَفَهُمْ أَسَفَهُ تَعَالَى ، فَلَمَّا آسَفَهُمُ الظَّالِمُونَ انْتَقَمَ تَعَالَى مِنَ الظَّالِمِينَ ، وَقَدْ بِهِمْ - صَلَواتُهُ عَلَيْهِمْ - وَسَمَ مِنْ قَبْلُ خَرَاطِيمَ المُشْرِكِينَ ، وَجَنْدَلَ عُتَاةَ الكَافِرِينَ ، وَقَطَعَ دَابِرَ المُجْرِمِينَ ، ثُمَّ قَصَّ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَى نَبيِّهِ فِي قُرْآنٍ عَرَبيٍّ مُبينٍ.

وَالحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا إِلَى نَبيِّهِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا وَصِيَّهُ ، فَأَلْمَحَ المُصْطَفَى إِلَى أَخِيهِ مِرَارًا ، ثُمَّ صَرَّحَ بِهِ تَكْرَارًا ، ثُمَّ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا عَنْ صِرَاطِ عَلِيٍّ المُسْتَقِيمِ يَصْدِفُونَ.

وَالحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَحْصَى كُلَّ شَيْئٍ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ، فَجَعَلَهُ يَعْسُوبَ الدِّينِ ، وَإِمامَ المُتَّقِينَ ، وَأَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، وَخَلِيفَةَ رَسُولِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَقَدْ قَصَّ - تَعَالَى - اسْمَهُ الشَّريفَ فِي كُتُبِ الأَوَّلِينَ ، ثُمَّ جَعَلَهُ لِسَانَ الصِّدْقِ اَلَّذِي وَعَدَ إِبْراهيمَ فِي الآخِرِينَ ، فَكَانَ – عَلَيْهِ السَّلامُ - مَعَ حَبِيبِ اللَّهِ ظَاهِرًا ، وَكَانَ مَعَ الأَنْبياءِ مِنْ قَبْلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - بَاطِنًا.

وَالحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا سَبِيلَهُ مِنْ بَعْدِ الفَتْرَةِ ، وَاسْتَنْقَذَنَا بِحَوْلِهِ مِنَ الضَّلَالِ وَالحَيْرَةِ ، وَعَرَّفَنَا أَوْلِيَاءَهُ قَبْلَ الفَوْتِ وَالحَسْرَةِ ، وَتَلَطَّفَ بِنَا - تَعَالَى - فَنَظَرَ إِلَيْنَا نَظْرَةً ، فَهَدَانَا وَاضِحَ سَبِيلِ العِتْرَةِ ، وَرَزَقَنَا البَرَاءَةَ مِنَ الفَجَرَةِ ، إِذْ عَالَجَ – تَعَالَى - قُلوبَنَا بِاليَقِينِ ، وَدَلَّنَا بِرَحْمَتِهِ عَلَى اَلَّذِينَ أَمَرَنَا بِمَعِيَّتِهِمْ مِنَ الصَّادِقِينَ ، حَتَّى بَصَّرَنَا وَمَا كُنّا مِنْ قَبْلُ مُبْصِرِينَ ، فَأَوْلَجَنَا بِرَحْمَتِهِ فِرْدَوْسَ وِلَايَةِ المُطَهَّرَينَ ، وَالحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِين.

"الحَمْدُ لِلّهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّهَا عَلَى جَميعِ نِعَمِهِ كُلِّهَا".  

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَليًّا وَلِيُّ اللَّه.

اللَّهُ أَكْبَرُ ، الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العالَمِينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الخَاتَمِ الأَمِينِ وَآلِ بَيْتِهِ الطّاهِرِينَ ، عِبَادِ اللهِ الصَّادِقِينَ ، الهُدَاةِ الْمَيَامِينَ.

 

د. علي المحجوب