الصحة النفسية في المؤسسات الإدارية

تعد عملية الاهتمام بالكوادر الوظيفية في المؤسسات العامة والخاصة احدى اوجه الرضا الوظيفي الذي تحرص عليه المؤسسات الغربية بغية الحفاظ على اليد العاملة من جهة وعدم تعرض المؤسسة للتدوير الوظيفي المضطر من جهة أخرى إذ يعد الدوران أحد أوجه انهيار المؤسسات وتناخر بنائها التنظيمي وهذا الأمر يكون كالقاتل الخفي الذي يهدم المؤسسة من دون انتباه الإدارات العليا نتيجة انشغالهم بالأمور الادارية وقواعد التنظيم الإداري الظاهري كالحضور والغياب والإنتاجية كونه سيسهم في إبعاد اليد العاملة ذات الخبرة والمهارة المهمة في العمل وإبعاد هذه اليد سيكلف المؤسسة الكثير من الخسائر.

ووفقا لما تقدم فإن الاهتمام بهذا الجانب وتسليط الضوء على المنطقة الضبابية المخفية عن الإدارات العليا والوسطى بالكادر الوظيفي العامل فإنه سيعمل على تدعيم أواصر العلاقة الاجتماعية داخل المؤسسة فضلا عن إشعار الموظفين بالأمان الوظيفي وتصاعد مؤشر الرضا الوظيفي لدى العاملين.

اذ  تبين التجارب الادارية الناجحة ان الاهتمام بصحة الأفراد الصحية والنفسية كفيلة بأخذ المؤسسة إلى مراتب متقدمة من الانتاجية والريادة في العمل الإداري قبال المؤسسات الاخرى.

 لذا فمن الأمور الواجبة التي يجب ان تلتفت اليها الادارة فيما يخص سلامة الموظفين هي معرفة معدل الإصابات المادية او النفسية وهذا الامر يخضع للكثير من الإجراءات فضلا عن تحديد الجهات المسؤولة عن ذلك لما له من دور كبير في الحفاظ على سلامة العاملين واستدامتها

و نجد ان ذلك الامر سيساهم بشكل او باخر بدفع العاملين على الاهتمام بعمل المؤسسة ونجاحها فعندما يلمس الموظف الاهتمام الكبير الذي توليه مؤسسته له كفرد فاعل في مكان عمله وتدرك أهمية دوره الوظيفي وفعاليته فانه حتما سيعمل على رد ذلك الاهتمام من خلال العمل والفعل فسيتأصل  انتمائه للمؤسسة وسيجتهد لضمان نجاحها.

وعليه فإن من الضروري أن تقوم الإدارات العليا والوسطى على ادامة اللقاءات الدورية بينهم وبين موظفيهم لإيضاح العديد من الامور الادارية والقرارات ومناقشتها بعيدا عن تلوين الكلمات الجذابة و المصطلحات الإدارية الحديثة والبراقة التي تخلو من روح التفاعل والاهتمام إذ تعتقد بعض الإدارات ان ذلك سيشجع الموظفين للعمل وسيتم رسم صورة ذهنية عند الموظفين بأنهم متمكنين من إداراتهم فالبساطة والوضوح يعدان من الأدوات الرئيسة والمفاتيح المهمة لنجاح العمل.

مكان العمل

 هو البيئة التي تعمل على تدعيم او تحطيم صحة الافراد والعاملين سواء في الجانب الصحي النفسي العقلي وهذا ما بينته إحدى الدراسات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية اذ اشارت الدراسة الى أن الإجهاد الوظيفي يتسبب في أضرار صحية خطيرة ويمكن أن يزيد من معدلات الإصابات والحوادث المرتبطة بالعمل ويرى أخصائيو الصحة النفسية بأن أسباب الإجهاد المرتبط بالعمل متعددة وأبرزها الإرهاق الوظيفي.

ووفقا لذلك فان هناك العديد من الامور الذي يجب ان تضعها الادارة العليا او الادارات الوسطى في الحسبان لضمان نجاح بيئة العمل والحفاظ على صحة العاملين في المؤسسات ومن هذه الامور نبين الاتي

•ضرورة الاهتمام بموضوع العلاقة الصحية لاسيما الصحة النفسية

•قيام الأقسام ذات العلاقة بتكثيف جهودها في هذا الجانب ووضع آليات تتناسب مع العدد الكبير للموظفين

•يمكن الاستفادة من ذلك الأمر بدراسة التجارب العملية الناجحة التي عملت بها بعض المؤسسات المتخصصة بهذا المجال.

•العمل على مراعاة آليات العمل الإداري ووضعها بما يتناسب مع طبيعة وقدرات الكادر العامل ووفقا لطبيعة العمل.

•وضع معايير لصنع بيئة عمل سليم تهتم بالصحة النفسية وهذا الأمر يكمن  في تحقيق العديد من العوامل أهمها وضوح القرارات الادارية المتعلقة بعمل الموظفين وبالخصوص الحقوق والواجبات والعدالة بين الجميع.

 

•اعتماد التوصيف الإداري لكي لا يقع على الموظف أعباء عمل اضافية ويكون تحت ضغوط شديدة تؤثر على سلامته النفسية والجسدية.

•اهمية اشعار الموظف بالأمن الوظيفي الذي يضمن له مستقبل واضح الصورة.

•اهمية وضوح التعليمات الصادرة من قبل الادارات العليا والمنفذة من قبل الادارات الوسطى بغية الابتعاد عن الاجتهادات الشخصية التي يعمل الكثير من الافراد المتوليين للمسؤوليات في المؤسسات العامة الى الاجتهادات الشخصية من دون وجود أي سند قانوني اداري بذلك, وهذا الامر يختلف من فرد لأخر.

•يمكن قياس الاثر الايجابي او السلبي لمؤسسة ما من خلال معرفة التغييب والتقصير في الدوام الرسمي للموظف وهذه الخطوة تبين حجم الاثر النفسي والجسدي الذي يمكن ان تتسبب به القرارات الادارية الصادرة تجاه الموظفين, ايضا من خلال معرفة الانتاجية واوقات التسليم ومدى جودة العمل المقدم.

•معرفة اعداد الموظفين غير المرئيين وهم الذين يتواجدون ولكن من دون وجود أي انتاج لهم بل يحرصون على الابتعاد عن ملاقاة المسؤولين.

اعداد: علي الهاشمي

مجلة الروضة الحسينية