الغضب المدمر

احمد عبد زيد الجبوري

نشعر جميعا بالغضب في وقت ما، ولا احد منا يخلوا من هذا الإحساس، كونه عاطفة إنسانية طبيعية تماما، كالسعادة، والحزن، وقد يكون نظام حماية مهم للغاية، يمكن أن يمنعنا من الأذى، ويحافظ على حياتنا، لكن المشكلة الحقيقية هي عندما يخرج غضبنا عن السيطرة، ويتحول إلى قوة مدمرة يمكن أن تدمر كل شيء أمامنا.

قد يسيطر الغضب علينا، خصوصا عندما نحرم من الحقوق التي نستحقها، أو نواجه بالظلم والاستغلال، أو عدم الاحترام من قبل البعض، فحينها يعمل الغضب كنظام توجيه، يشير إلى أن شيئا ما ليس صحيحا، و قيمنا لا تتوافق مع هذا الوضع الذي نواجهه، وعلينا الدفاع عن حقوقنا، بطرق منطقية بعيدا عن العنف، ويمكن لهذا النوع من الغضب إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، للدفاع عن نفسه، وإيجاد حلول إبداعية للتحديات التي يواجهها.

تختلف طبيعة الإنسان، من شخص إلى أخر، في حالات الغضب، فالبعض يكبت غضبه أمام الآخرين، لكنه يهاجم عائلته وأصدقائه على اصغر شيء، والبعض الأخر هادئين جدا، ويسيطرون على غضبهم، ويبحثون عن حلول للمشاكل التي تحدث معهم دون اللجوء إلى الغضب، أما آخرون تجدهم يصرخون وقد يمارسون العنف، وهذا سلوك غير صحيح، ومدمر لحياة الإنسان، من الناحية الصحية والجسدية، بشكل عام فالصراخ، والشتائم، وإغلاق الأبواب، وضرب الأشياء أو رميها، أو العنف الجسدي، أو الإساءة اللفظية، أو حرمان نفسك من الطعام، أو عزل نفسك في غرفة مغلقة، يكون هذا مخيفا للغاية، ومضرا لك، وللأشخاص القريبون عليك، ويمكن أن تكون له عواقب وخيمة، فقد تفقد عائلتك، ووظيفتك، وتواجه مشاكل مع الجميع وقد تخسرهم.

وقد يؤثر الغضب المستمر على العديد من أجهزة الجسم مما يسبب مشاكل صحية طويلة المدى وأخرى قصيرة ومن أبرزها: صداع ألراس، وألم الصدر، وضربات قلب سريعة أو خاطفة، او صعوبة في التنفس والشعور بالاختناق، وفي بعض الأحيان مشاكل في الهضم، أو آلام في البطن، أو الأرق، وقد يسبب كآبة حادة، وضغط دم مرتفع، والكثير من المشاكل مثل نوبة قلبية، أو السكتة الدماغية، لذا يقترح الأخصائيون طرق وحلول لسيطرة على غضبك ومنها:

- إذا كنت تعتقد أن غضبك خارج عن السيطرة، أو كان يؤثر سلبا على حياتك، أو علاقاتك الاجتماعية،  ففكر في طلب المساعدة من أخصائي الصحة النفسية.

- تذكر بأن الغضب أمر طبيعي، ويجب التعبير عنه بشكل مناسب، لذا ينصح تدوين نوبات غضبك، لمحاولة فهم "كيف ولماذا" تغضب.

- إذا شعرت انك غاضب جدا، وخارج عن السيطرة، ابتعد عن المكان الذي تتواجد فيه موقتا، حتى تهدأ.

- حاول تحديد المشاكل التي تسبب لك الغضب، وتقبلها بشكل طبيعي، وتذكر أن لها حل ما مهما كانت المشكلة التي تمر بها.

- يوصي بعض الأطباء، بالخروج للحصول على الهواء النقي، أو المشي السريع،  أو ممارسة الرياضة بانتظام، فهذه الأفعال لها دور كبير للسيطرة على الغضب.

- احصل على قسط كافٍ من النوم، ويفضل من سبع إلى ثماني ساعات في الليلة.

- تجنب الأشخاص أو الأشياء التي تثير غضبك.

وبعد كل ذلك ينبغي للمرء وبخاصة المسلم ان يتذكر ما ورد من تعاليم الاسلام الحنيف عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن اهل البيت عليهم السلام الذين اشاروا ان الغضب والعصبية من الاخلاق الذميمة التي لا تليق بالإنسان ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)وقول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ( اياك والغضب فأوله جنون واخره ندم).

مجلة الروضة الحسينية