سبعة أعوام على فتوى الدفاع.. وشخصيات علمائية واكاديمية تشيد بها

من خلال تجارب الشعوب والأمم تبيّن ان الكثير من الاحداث  التاريخية لم تكن مجرد احداث عابرة اقترنت بزمان معين وفي اطار محدد ثم انتفى مفعولها، بل انها وضعت أسس الحاضر واستفادت منها الاجيال وبقيت خالدة على مر الازمان.

وهذا يفسّر احتفاء الشعوب والمجتمعات برموزها وثوراتها، وكلما صبت هذه الاحداث في النفع الانساني كانت اكثر حضورا وتأثيرا من غيرها.

الفتوى التي اطلقها المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني في مثل هذا اليوم الـ13 من حزيران عام 2014 للدفاع عن العراق وشعبه  برأي المختصين والمراقبين تعد منعطفا تاريخيا مهما من تاريخ العراق وهي مثال للحدث الانساني الخالد لما لها من تأثير على صعيد المنطقة والعالم. 

وبهذا الخصوص يذكر الشيخ محمد عمر، الذي زار العراق على رأس وفد من علماء السنة البريطانيين: ان فتوى "الدفاع الكفائي" واجب إنساني جاءت للدفاع عن الإنسانية جميعاً وتنطلق من مبنىً إسلاميٍ صحيح وهو (حب الوطن من الإيمان), للحكومة العراقية وشعبها كل الحق بالدفاع عن أنفسهم وأراضيهم ومقدساتهم.

وفي السياق ذاته يقول الدكتور الشيخ محمد حافظي جلو من غينيا "ان لهذه الفتوى صداها الايجابي على كل المجتمعات وقد بينت للعالم ان الفكر الشيعي هو فكر منفتح وواعي واستراتيجي ولا يقتصر على  الطقوس التي تقام في المساجد او الحسينيات بل انه يمتلك بعد نظر في جميع القضايا الدينية والانسانية والاجتماعية  ومن المفترض ان كل عالم ديني يجب ان يكون مؤثرا في المجتمع ومتمركزا في قلوب الناس وله الدور الاساسي في اصلاح المجتمع ودرء الاخطار عنه وتوجيهه للإصلاح وهذا ما وجدناه في مرجعية السيد علي السيستاني".

اما الدكتور ضياء الاسدي فقال ان "الفتوى المقدسة احتلت مكانة هامة عززت الجانب المعنوي والروحي لدى جميع اطياف الشعب العراقي و مَثلتْ اللحمة الوطنية بمصداق كبير جدا من خلال تلبية نداء الدفاع من مختلف التوجهات الدينية والسياسية ".

وبصدد تناول الإعلام لفتوى المرجعية العليا يرى الدكتور نصيف جاسم ان "لفتوى الدفاع الكفائي الاثر البالغ على جميع الاصعدة باعتبارها قد صدرت من قائد مقصده الاساس خدمة العراق والعراقيين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم ومعتقداتهم وقومياتهم، وهو يدعو الى حماية المواطن العراقي من أي خطر، وتوفير الحياة الكريمة له، وهذا بحد ذاته انتصار للعراق".

ولفت الى ان "بعض الوسائل الإعلامية لم تكن منصفة في تناولها لفتوى المرجعية بسبب اجندتها الطائفية ونظرتها المصلحية، فهناك  من روج للفتوى الجهادية على انها فتوى حكومية جاءت لدعم الحكومة وطبلت لها الكثير من وسائل الإعلام العربية بشكل عام وبعض وسائل الإعلام العراقية بشكل خاص ، وهناك من وصفها بأنها فتوى حزبية تميل لصالح حزب وجمهور معين دون آخر وهذا الامر ايضاً روجت له الكثير من القنوات الإعلامية العربية والعراقية، وهناك من ذهب الى وصف الفتوى على انها انتهازية تميل للمذهب الشيعي ومن يمثله، وهذه الآراء وأصحابها في ظلال كبير، وقد فندتها بطولات وانتصارات ابطال الحشد الشعبي وما طبقوه على ارض الواقع من خلال تصرفاتهم الانسانية والوطنية، والملتزمة بالتوصيات السديدة للمرجعية الدينية العليا".

وأوضح الدكتور جاسم "ان الفتوى لاقت صدى واسع في الاوساط العامة بالرغم من محاولات التشويه، واعتقد ان العراقيين واعون لا تنطلي عليهم الأكاذيب".

فيما تحدّث التدريسي في قسم الصحافة بجامعة أهل البيت (عليهم السلام) الاستاذ أحمد باقر عن مواقف مراجع الدين عبر التاريخ قائلاً "لا يخفى على الجميع ان المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف كانت صمام أمان ولا زالت، وهي دائما تقف موقفا بطوليا ومشرفا عندما تلوح ازمات في الافق سواء ما يتعلق في الجانب السياسي او الجوانب الأخرى".

وبيّن ان "فتوى المرجع السيستاني (حفظه الله) اوقفت زحف داعش وأنقذت الدولة من الانهيار، وان هذه الفتوى الجليلة هي امتداد لفتاوى كانت بمثابة الدواء الناجع لكل ازمة ومشكلة تطرأ، ومن هذه الفتاوى، فتوى المرجع الشيرازي في سنة 1920، للتصدي للاحتلال البريطاني, والشواهد كثيرة فعلى الدوام كانت الحوزة العلمية هي صمام الأمان، لذا ان فتوى السيد السيستاني (حفظه الله) ساهمت مساهمة كبيرة في التصدي للانهيار الذي تعرض له الجيش العراقي عندما هجمت داعش على مناطق الموصل والانبار، حيث ساد الخلل في المؤسسة العسكرية في تلك المناطق, بينما استطاعت فتوى السيد علي السيستاني وخلال مدة قليلة جدا من تكوين حشود متطوعة من الشباب العقائديين الذين تصدوا لهذا الغزو".

واعرب الشيخ علوان جواد الفتلاوي احد وجهاء عشيرة آل فتلة عن رأيه بصدد الفتوى قائلا "ان الفتوى وحدت الصف العراقي بجميع أطيافه، ولولاها لانهارت الدولة بأكملها, حيث رفعت الروحة المعنوية لأبناء البلد،  فلبوا نداء الجهاد الكفائي، وهبّوا بكل بسالة وإيمان للدفاع عن العراق ومقدساته".

وأثنى الشيخ محمد مخلف احد شيوخ محافظة الانبار على دور المرجعية الدينية قائلاً" لو لم تسعفنا المرجعية الدينية العليا بفتواها المشرّفة لسقطت محافظة الانبار بيد داعش المجرم, ولقد شاهدنا استبسال وتضحية ابناء الحشد الشعبي الابطال للذود عن أرض الوطن وأثلجوا صدورنا بمواقفهم البطولية".

وأضاف" نود ان ينعم العراق بالأمن والأمان، ولن يكون ذلك إلا بوجود المرجعية الدينية العليا والحكومة العراقية التي من واجبها الدفاع عن البلاد، ولا نرضى بتدخل أي جهة خارجية".

المصدر: مجلة الروضة الحسينية