خبير مؤشرات الاداء الرئيسية الدكتور معتز سوبجاكي: يبدأ التغيير بتبني خطة ممنهجة متكاملة من الإدارة العليا وأصحاب القرار

حوار : علي الهاشمي 

تحرير: يحيى الفتلاوي

رافقت التنمية الحياة البشرية منذ نشأتها والى ما تبقى من مسيرتها، لما لها من آثار ومساهمات في تحقيق متطلبات الحياة المختلفة وتذليل العقبات التي تعترضها، وصولا الى السعادة المبتغاة سواء للأفراد او المنظمات او الدول.

وللولوج الى مضمار التنمية والتعرف على بعض مفاهيمه وتطبيقاته واهدافه ومساهماته في ترقية الانسانية الى ما تصبو اليه، التقى مركز الاعلام الدولي بالمدرب التنموي اللبناني معتز سوبجاكي، فكان له معه هذا الحوار:

كيف يمكن أن يساهم التوجيه الشخصي في عملية التأهيل والتطوير الشخصي؟

التوجيه الشخصي عبارة عن جلسات فردية يساعدك بها الموجه للوصول إلى النتائج التي تريد أن تحققها في حياتك عبر إرشادك بشكل سليم وغير متحيز في عملية اتخاذ قراراتك والتغييرات الحاصلة في حياتك. وفي توضيح غايتك الشخصية وقيمك وأهدافك ورسم خريطة واضحة للمسار الذي تريد أن تسلكه للوصول إلى النتائج التي تطمح لها. ودراسة المخاطر والسيناريوهات التي قد تظهر لك خلال العمل على أهدافك للتخلص من كافة المعتقدات القديمة التي تحد من قدرتك، أو تقيدك وتمنعك من القيام بأداء استثنائي. كما يساعد التوجيه الشخصي من لديهم وضوح في غايتهم وأهدافهم ولكن يلزمهم الخطط العملية التنفيذية والاستراتيجيات الأفضل للوصل إلى ما يسعون إليه بشكل يضمن لهم ان يكونوا بأفضل أداء وأعلى طاقة وعدم الجلوس في منطقة الراحة والكسل القاتل. فأي شخص يستحق أن يكون بأفضل حالاته ويتحكم بزمام الأمور فالتوجيه هو الحل له لدفع نفسه إلى أبعد مما يظن أنه يمكنه الوصول إليه، وهو المستوى التالي حيث يعيش الإنسان الحياة بشروطه ولا يدع الظروف تتحكم به ليصل إلى السعادة التامة في هذه الحياة. والتوجيه يختلف عن الإستشارة والتدريب والعلاج النفسي ويمكن للقارئ البحث في هذه المصطلحات أيضا.

برأيكم ماهي النتائج المتحققة من تطبيق مؤشرات الاداء الوظيفي في المؤسسات الخدمية، و اي نوع من المؤشرات يمكن أن يتوافق مع المؤسسات الخدمية؟

لم تعد المنظمات اليوم تتساهل في نتائجها وأهدافها ومتابعة مستويات الإنجاز لديها، لذلك لا بد من وجود نظام قياس أداء قادر على تحويل الأهداف النوعية والكمية إلى مؤشرات قابلة للقياس والمتابعة والتحليل وذلك لمساعدة أصحاب المصلحة في اتخاذ قرارات أفضل، تعزز من أداء المنظمة بشكل كامل. فسواء كانت المنظمة ربحية او غير ربحية، خدمية أم غير خدمية، لا بد لها من نظام يتابع الإنجازات والمستهدفات والأداء بناء على بطاقة الأداء المتوازن (المنظور المالي، منظور المتعاملين او العملاء، منظور العمليات الداخلية ومنظور التطور والتعلم والابتكار). فنظام مؤشرات الأداء الرئيسية هو أكبر من مجرد مؤشرات للموظفين بل هو نظام للمنظمة ككل يتم بعدها مواءمة الخطة الاستراتيجية بالخطة التشغيلية بالمبادرات الفردية. وبما يخص أنواع المؤشرات المرتبطة بالمنظمات الخدمية فيتم التركيز بالدرجة الاولى على منظور المتعاملين فهم الشريحة المستهدفة ويتم وضع مؤشرات خاصة بالرضا، والتجربة، وسرعة الإنجاز ومتابعة المؤشرات الخاصة بنتائج تجربة المتعامل مع المنظمة من حيث التوصية لها ، واكتساب السمعة الجيدة والتنافس على المراكز الأولى ضمن الدولة مثلا.

هل تعتقدون ان المؤسسات الخدمية تحتاج إلى التطبيق القيادي ام الإداري في تعاملاتها مع الموظفين؟.

يروج البعض إلى أنه يوجد إدارة ومقابلها قيادة وهذه المقارنة خاطئة فالإدارة هي علم متكامل وله أساسياته والقيادة هي مهارة تستخدم في العملية الإدارية فهناك المدير صاحب المهارة القيادية وهناك المدير بدون مهارة قيادية، ولذلك علينا تصحيح المفاهيم والتوقف عن مقارنة ما يسمى المدير والقائد إذ يمكن لكل مدير أن يكون قائدا بامتلاك هذه المهارة. والمنظمات بكل أنواعها بحاجة إلى مدراء أكفاء إداريا متمكنين من العملية الإدارية ويتمتعون بمهارات قيادية ترفع من كفاءة أدوارهم في المنظمات. وبالعودة إلى الموظفين فالموظف يبحث عن المدير القائد، صاحب الرؤية الواضحة والرسالة المتواضعة، والمعلم والموجه ليأخذ به إلى مستوى متقدم في مسيرته المهنية ويصنع منه قائدا ناشئا أيضا، والمدير القائد هو صاحب الحزم عند الحاجة وصاحب التعاطف عندما يتطلب الأمر وصاحب الإنجازات المستمرة. وكذلك هو المحفز الإيجابي الذي يعي تماما المخاطر المحيطة ولكنه يعلم أيضا كيفية التغلب على الصعاب والتحديات بتقنيات واضحة يعلمها لفريقه ويساعدهم في إنجازها.

كيف يمكن قياس النمو الشخصي في مجال العمل الإداري والمجتمعي، وهل هناك مؤشرات تبين ان الفرد في حالة نمو ذاتي؟.

بالتأكيد يمكن ذلك، فالمؤشرات هي أداة لقياس مستوى الإنجاز والإنجاز مرتبط بأهداف محددة فلو كانت أهداف الشخص محددة فيمكن قياسها بمؤشرات عدة وإن لم تكن كذلك فيصعب قياسها، فلو افترضنا ان من أهداف مدير الإدارة الشخصية أن يتخذ القرارات بشكل صحيح 100% خلال عام 2021 فالمؤشر هنا  القرارات الصحيحة التي اتخذت، والنتائج من القرارات التي اتخذت، ولو كان هدفه التطوير المعرفي بوضع هدف للقراءة او حضور الورش التدريبية او المشاركة المجتمعية فهي بنفس الوضع الخاص بالمثال الأول. هدف محدد ثم مؤشر ثم عملية القياس.

هل تجدون ان التحفيز ضرورة من ضرورات العمل على الصعيدين الشخصي والمهني؟.

التحفيز الممنهج والمخطط له بالشكل الجيد هو التحفيز الذي تحتاجه المنظمات أو الأشخاص وأقصد بالممنهج والمخطط له، أن يكون هناك سبب وهدف من التحفيز وأن يكون مرتبطا بالغاية من العمل وليس مجرد محفزات مالية بسيطة او هدايا صغيرة تعطى للأشخاص للقيام بأداء أفضل أو أعلى وأثبتت العديد من الدراسات أن التحفيز المعنوي أقوى وأكثر استدامة من التحفيز المالي الذي قد يضر على المدى بعيد، بحيث لا يعمل الموظف إلا بوجود هذا الحافز المالي.

كيف يمكن تحقيق الميزة التنافسية على صعيد المؤسسات الخدمية.

 تتحقق الميزة التنافسية بوجود موارد بشرية مميزة عن الآخرين وعمليات داخلية وإجراءات حديثة ورشيقة تجعل من تجربة المتعامل أكثر سعادة بحيث يتم إنجاز معاملاته بأسرع وقت ممكن وبأفضل أسلوب في التواصل وكذلك تسهم الميزة التنافسية بحل المشكلات للمتعاملين وذلك بسؤالهم عن مشاكلهم وتوقعاتهم باستمرار ومحاولة حل المشكلات وتحقيق التوقعات. وعلى المنظمات الخدمية العمل على الاستقلال المالي بتشغيل مشاريع تدخل إيرادا كي لا تنتظر التبرعات أو ميزانية الدولة أحيانا وبالتالي تستطيع أن تقوم باستقطاب أفضل الموارد وتبني أفضل التقنيات وهناك الكثير من النماذج حول العالم في هذا الشأن.

كيف تجد عجلة التنمية البشرية على صعيد الوطن العربي، وهل تعتقد انها تسير وفق تخطيط مستقبلي ام تتأثر بالأحداث الانية؟.

للأسف إلى الآن هناك لغط أيضا في مفهوم التنمية البشرية، فقد روج العديد من المدربين بأن التنمية البشرية محصورة بعدة دورات تقوم بها مراكز أو منظمات للأشخاص وبالتالي حققوا التنمية البشرية وهذا مضر بالمفهوم. فالتنمية البشرية هي العمل على رفع رفاهية الأشخاص باعتماد التحسينات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية وغيرها وهذا الأمر لا يتم إلا ببرامج وسياسات على صعيد الدولة نفسها وليس بدورات تدريبية بسيطة، فللإجابة عن هذا السؤال من التعريف السابق للتنمية البشرية أقول بأننا متخلفون قليلا عن الركب الغربي. وفي عدد من البلدان انتشر الفساد الإداري والمالي والسياسي ولم يعد المواطن محور عملية التنمية وهذا الأمر سيؤدي إلى نخر في البنية الأساسية للدولة، وإن قتلتَ الإبداع والعقول والمهارات عند الأشخاص ودفعتهم إلى الهجرة فلن يبقى لك ما يقيم لك حضارة أو تميزا. وللوصول إلى تنمية بشرية مستدامة علينا البدء باستئصال السرطان وبعدها العلاج ومن ثم البدء في مرحلة النقاهة. وأضعف الإيمان هو العمل على التوعية بمفهوم التنمية الحقيقي على صعيد الدولة والاهتمام بالجيل الصغير الذي سيكون جزءا من النهضة التي نحلم بها.

معتز سوبجاكي، لبنان، أكثر من 10 سنوات خبرة مهنية في التطوير الإدارة، خبير في مؤشرات الأداء الرئيسية واستراتيجي نمو شخصي ومهني. دكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة الجنان في لبنان. يعمل حاليا مديرا للتطوير التنظيمي وإدارة الأداء في مجموعة النهلة في المملكة العربية السعودية، ومحاضرا في كلية إدارة الأعمال في جامعة الجنان في لبنان بالإضافة إلى عمله كمستشار ومدرب في الإدارة الإستراتيجية ومؤشرات الأداء الرئيسية وإدارة الموارد البشرية في عدد من شركات التدريب والإستشارات في (لبنان، الأردن، تركيا، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة)، موجه شخصي Results Coach لعدد من التنفيذيين والمدراء في الشرق الأوسط. لديه 3 مؤلفات وأكثر من 11 بحثا علميا منشورا في عدد من المجلات العلمية المحكّمة.

مجلة اروضة الحسينية