إني جاعل في الارض خليفة

النص القرآني في إثبات إمامة أهل البيت(عليهم السلام)
الإمامة من أمور الدين المهمة التي  لا يمكن الاستغناء عنها، فمن الواضح جداً ان الدين يحتاج إلى تفسير وتأويل والتفسير والتأويل يحتاجان إلى عالم ملم بجميع ما يتعلق بأمور الدين وإن هذا العالم قد وصفه الله تعالى في كتابه العزيز أنه من الراسخين في العلم حيث قال سبحانه وتعالى : وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم (آل عمران-30).
فمن يا ترى هؤلاء الراسخون في العلم؟
وهل جاء ذكرهم في القرآن والسنة؟
هذه التساؤلات سنجيب عنها بشيء من التفصيل من خلال إثبات الإمامة من خلال النص القرآني في أربعة عشر موضعا من كتاب الله تعالى.
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة/30 والخليفة: هو من يقوم مقام الغير وقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم في صيغتين:
1- صيغة المفرد وجاءت في موضعين:
الموضع الأول: قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً).
الموضع الثاني: قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) سورة ص/26.
ولم تذكر لفظة خليفة في موضع ثالث.
2- صيغة الجمع: وهي لفظة خلائف أو خلفاء وقد ذكرت في سبعة مواضع من القرآن الكريم .
قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ).
(ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ).
(وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ).
(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ).
(وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ).
(وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ).
(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ).
الآية التي ذكر فيها لفظة خليفة بصيغة المفرد إنما أراد الله تعالى في ذلك الخلافة الخاصة وهي الخلافة الإلهية بمعنى أنه عندما أراد الله تعالى أن يجعل في الأرض خليفة وتساءلت الملائكة عن هذا الخليفة ومن كان هذا الذي أراده الله تعالى أن يكون خليفة في الأرض وكان الجواب واضحا جداً بأن آدم (عليه السلام) هو خليفة الله على الأرض وهو أول الأنبياء، ولذلك فهي خلافة إلهية على الأرض ثم ان النص صريح جداً في قوله تعالى لنبيه داود (إنا جعلناك في الأرض خليفة فأحكم بين الناس بالحق).
إذن.. الخلافة الإلهية تقضي على الخليفة أن يحكم بالحق بين الناس وأن يكون ممثلاً لحكم الله في الأرض، دون غيره وكما هو معلوم فإنه ليس كل من استلم الخلافة فهو على حق وإنما المراد بالخلافة الإلهية هو استمرار حكم الله تعالى من خلال ذلك الخليفة الذي وضعه الله للناس إماما ونبيا.
إذن.. الخلافة على نوعين إلهية وبشرية.
فعندما يكون التعيين من مثل الله تعالى فإنه يكون نبيا أو إماما وهو معصوم عن الخطأ لأنه يمثل الله تعالى على الأرض، والخلافة البشرية تقضي بأن يكون هذا التعين من قبل بني الإنسان فيما بينهم وهي غير معصومة من الخطأ والزلل، وأن خلافة الله تعالى تتمثل بالأنبياء (عليهم السلام) وإن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان آخر الأنبياء وهو خاتم النبيين قوله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ). فهل يترك الله تعالى خلقه دون خليفة يحكم بالحق وقطعا لا يكون ذلك. فليختر الناس من شاءوا  ومن ارادوا ولكن خليفة الله تعالى معين من قبل الله عز وجل وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن ثم ولده الحسن ومن ثم ولده الحسين (عليه السلام) ليمثل أمر الله تعالى على الأرض لأنه خليفته ومن اجل ذلك نقول في زيارته: السلام عليك يا وارث آدم خليفة الله، ونؤكد على أن خلافة الله تعالى انتهت في الإمام الحسين (عليه السلام) وإنها لم تخرج إلا من صلبه عبر الأئمة (عليهم السلام) وتاسعهم الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف وهو الآن خليفة الرحمن على الأرض وذلك يحتاج الى بحث آخر مستقل.

• سماحة الشيخ 
ضياء الدين زين الدين