ولا تعضلوهن

• نجاة رزاق

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا  وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ  فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ( النساء: 19) .

العضل لغةً: التضييق بالمنع من التزويج .وأصله الامتناع يقال عضلت الدجاجة ببيضتها إذا عسرت عليها ،وعضل الفضاء بالجيش الكثير اذا لم يمكن سلوكه لضيقه . ومنه الداء العضال الذي لا يبرأ .

ومما لاشك فيه ان القرآن الكريم كلام الله (تعالى )وتعاليمه خالدة لكل الأجيال في كل زمان ومكان (عن حريز عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال: حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجئ غيره.).

والآية تتحدث عن ظاهرة كانت سائدة في المجتمع القبلي قبل الاسلام حيث كانت المرأة تورَّث كما يورث مال الميت .

يقول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان :{كان أهل الجاهلية على ما في التاريخ والرواية يعدون نساء الموتى من التركة إذا لم تكن المرأة أما للوارث فيرثونهن مع التركة فكان أحد الورّاث يلقي ثوبا على زوجة الميت ويرثها فإن شاء تزوج بها من غير مهر بل بالوراثة وإن كره نكاحها حبسها عنده فإن شاء زوجها من غيره فانتفع بمهرها وإن شاء عضلها ومنعها النكاح وحبسها حتى تموت فيرثها إن كان لها مال}.

كما يقول السيد ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره الامثل أن { سبب النزول روي في مجمع البيان عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام): " نزلت في الرجل يحبس المرأة - من دون أن يعاملها كالزوجة - عنده لا حاجة له إليها ينتظر موتها حتى يرثها "، أي فيأخذ أموالها من بعد وفاتها.

وروي عن ابن عباس أن الآية الحاضرة نزلت في الذين أمهروا نساءهم بمهور كبيرة ثم حبسونهن من دون حاجة إليهن، ولا يطلقونهن لغلاء المهر وثقله، ويؤذونهن حتى يقبلن بالطلاق بعد أن يتنازلن عن تلك المهور.}

وكما يقول علماؤنا ان المورد لا يخصص الوارد، فما هي مصاديق هذه السُنة السيئة في عصرنا الحاضر ؟

وهل العضل يخص فقط النساء اللواتي توفي أزواجهن فقط ؟

في الحقيقة وما نلاحظه  في واقعنا من مشاكل وانحرافات اخلاقية كثيرة يظهر ان هناك من هذه الاخلاق في المجتمع الاسلامي مع شديد الاسف ومنها :-

اولا :اذا لم يتمكن الزوجان من التوافق بينهما بسبب عدم التفاهم او عدم انجاب الأطفال وعندما تتقدم الزوجة بطلب الطلاق فان الزوج لا يوافق على طلاقها مع انه متأكد انهما لا ينسجمان مع بعضهما البعض لكن بسبب المهر والمؤخر الذي سجلته المرأة في العقد فتبقى معلقة اما ان تفتدي نفسها او تعيش معه على كراهة .

ثانيا :قد يعطل الاب زواج البنت لأنه قد أخذ على راتبها سلفة لبناء البيت او شراء سيارة او قد يشترط على الخاطب بأن راتب البنت يبقى له وبذلك تتعطل هذه الفتاة عن الزواج .

ثالثا: بعض الازواج يصاب بمرض(العنن) بعد الزواج لأسباب صحية عارضة ،وفي هذه الظروف لا تتمكن الزوجة من ممارسة حقها بل قد تتعرض للتوبيخ والاهانة من قبل الأهل لأنها تطلب شيئا معيبا حسب اعتقادهم .متغافلين ان المرأة لها حاجة للحياة الخاصة كما للرجل.

رابعا: بعض الأزواج وبسبب مرض الزوجة يختار لنفسه حياة خاصة اما بالزواج من اخرى او بتكوين علاقات غير مشروعة ويقطع اي تواصل عاطفي او مادي او اخلاقي حتى!  واحيانا تسمع كلمات الاهانة والتجريح لعجزها عن تلبية حاجته.

وبسبب هذه المشاكل فإننا نسمع عن الكثير من الجرائم التي تقع بحق الزوجين او الاطفال لذلك يجب وضع الحلول للخروج من هذا الواقع المأساوي والذي يسيء للإسلام والتعاليم الاسلامية فعندما يسمع اعداء الدين بما يجري من حوادث فإنهم يحمّلون الدين لا الافراد مسؤولية هذه الظواهر ،لذلك يجب دراسة الوضع الاجتماعي من قبل المختصين ووضع الحلول الناجعة لذلك والله سبحانه  ولي التوفيق.

مجلة الروضة الحسينية