النهضة الحسينية بين تربية الاسرة وعصر الظهور

ا.د سعيد غني نوري الدراجي

تعتبر الثورات عبر التاريخ دروسا وعبر للأجيال التي لم تعاصرها وقد اتخذت منها دليلا لعملها بالمستقبل بعد ان أحست أن ما قام به هؤلاء الثوار جدير بالاهتمام لما له من اثر في التوعية للوقوف بوجه الظلم والطغيان وعدم فسح المجال لصناعة الطغاة من جديد, لان تنامي الوعي يجعلها مستعدة للنهوض بدورها الطليعي واستقبال الأفكار التي تدعو للثورة والتحرر والاطلاع على التضحيات التي سطرها الناس العظماء واختطوها بدمائهم .

ولا يخفى على المتتبع وجود ارتباط وثيق بين نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وثورة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) فكلاهما بقيادة إمام معصوم ، وعلى خط الله لنصرة دينه وإقامة العدل بين الناس.

وقد وردت نصوص كثيرة يتضح فيها هذا الارتباط، وإن ثورة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) هي امتداد لنهضة الإمام الحسين (عليه السلام) فهما جولتان في حرب تاريخية واحدة بين الحق والباطل، كانت واقعة الطف جولة دامية منها انتصر فيها الباطل ظاهرياً، أما ثورة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) فستكون الجولة الحاسمة التي ينتصر فيها الحق على الباطل، ويطبق الدين الإلهي في ارجاء المعمورة، وينتشر العدل في ظلاله، وتتحقق السعادة المنشودة في مسيرة التكامل البشري.

إن الشهيد الامام الحسين (عليه السلام) جاهد وضحى وثار من أجل الله وفي سبيل الله، فهو الوصي الثالث للنبي (صلى الله عليه واله) الذي أدى دوره المرسوم ووقف في وجه الانحراف الأموي بكل صراحة ووضوح، فكشف للناس انحراف حكامهم وضلالهم وتراجعهم وتخاذلهم، فجاءت نهضته هزة عنيفة أيقظت المسلمين من غفوتهم، وأرشدتهم إلى صوابهم، وأوضحت لهم انحراف الدرب الذي يسلكونه مع حكامهم، وكانت لهذه الثورة الجليلة آثار ونتائج تصب في ثورة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لتكون من مقدمات قيامها.

لهذا لا بد ان نذكر في هذه السلسلة من المحاضرات التربوية والعقدية والفكرية  بعض الابعاد الاساسية التي ادت الى ديمومة هذه الملحمة الخالدة  بانتصار الدم على السيف وترسيخ القيم الفكرية والتربوية في يوم عاشوراء وما انتجته هذه الثورة المباركة وعلاقتها بتمهيد ظهور الامام الحجة بن الحسن عج لغرض بناء الاسرة الاسلامية الحسينية التي سوف تكون مصنعا لصناعة الممهدين للظهور المقدس .