التطور القانوني للعتبة الحسينية

الحلقة الثالثة: د. سعد الدين هاشم  

اوضحنا في الحلقة السابقة التطور القانوني للعتبة الحسينية المقدسة لغاية صدور دستور عام 1963م(الملغي), وبين ان( الجمهورية العراقية دولة ديمقراطية اشتراكية, تستمد أصول ديمقراطيتها واشتراكيتها من التراث العربي على روح الاسلام, والملاحظ انه تم تقديم التراث العربي على روح الاسلام, وكان يستلزم ان ترد عبارة روح الاسلام قبل عبارة التراث العربي, للأهمية الكبيرة للدين الإسلامي, ومعتنقيه في الجمهورية العراقية.

وبين الدستور العراقي المذكور أن الاسلام دين الدولة والقواعد الاساسية لدستورها, وان حرية الاجتماع, وتنظيم المواكب والتجمعات غير المخالفة للقوانين مصونة, وحرية التعبير عنها بأي شكل مكفولة.

وبذلك فهناك حرية لممارسة الشعائر الدينية والعبادية في اماكنها, ومنها العتبات المقدسة, والتعبير عنها خلال الاجتماعات والتجمعات والمواكب مكفولة, على ان تكون غير مخالفة للقانون, ومما يؤكد ذلك ورود نص في الدستور يكون رئيس الجمهورية مسلما وملتزما بالشعائر الدينية.

وفي ظل دستور عام 1964م صدر قانون ادارة الاوقاف رقم(107) لسنة 1964م, وفيما يتعلق بتعيين المتولين وموظفي المؤسسات الدينية والخيرية والعتبات المقدسة, فإنه يتم حسب نظام خاص.

وصدر نظام ديوان الأوقاف رقم(18) لسنة 1966م, وبين بأن تابعية مديرية العتبات المقدسة تكون لديوان الاوقاف , وان من جملة الاعمال المنوطة بالمديرية المذكورة, ادارة العتبات وصيانتها وتنظيم شؤون موظفيها.

يلاحظ ان نصوص المواد التي صدرت في ظل دستور عام 1964م(الملغي) لم تختلف عن مواد دستور عام 1963م (الملغي) بخصوص الشعائر الدينية والعبادة, واماكن ممارستها ومما يؤيد ذلك ان المادة (1)والمادة(28,29,32) في دستور عام 1964م الملغي هي عين المواد الواردة في دستور عام 1963( الملغي), ما عدا انه لم يذكر النص الوارد في المادة (41)من دستور عام 1963م( يكون رئيس الجمهورية مسلما وملتزما بالشعائر الدينية) ضمن اي مادة من مواد دستور عام 1964م(الملغي).

وفي عام 1966م صدر قانون ادارة العتبات المقدسة رقم (25), استناداً لأحكام المادة(44) من الدستور المؤقت لعام 1964م( الملغي) ويعد هذا القانون الاول من نوعه الذي حدد هيكلية العتبة وبين اختصاصات اجهزتها بشكل اكثر وضوحا, اذ اشار الى ان من ضمن واجبات مديرية العتبات المقدسة, التي تعد احدى تشكيلات ديوان الاوقاف, ادارة العتبات المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء والكاظمية وسامراء, وتشمل الروضة الحيدرية والروضتين الحسينية والعباسية والروضة الكاظمية ومرقد العسكرين في سامراء ومراقد الائمة من آل البيت التابعة لتلك الرياض, سواء كانت داخل سور الروضة او خارجه , وتعد المراقد المشيدة كمرقد كميل بن زياد في النجف الاشرف, ومرقدي مسلم وميثم في الكوفة, والحمزة الشرقي والحمزة الغربي , والسيد محمد في ناحية بلد, ومرقد اولاد مسلم, من ملحقات العتبات , ويكون الاشراف عليها وصيانتها من واجبات المديرية المذكورة, وكذلك فإن هذا القانون بين ان العمل يستمر باحكام القوانين والانظمة المعمول بها لإدارة الاوقاف والعتبات والتي لا تتعارض احكامه الى ان يسن نظام خاص لإدارة العتبات المقدسة.

وبخصوص تعيين المتولي على وقف العتبات المقدسة, فانه يكون بقرار من محكمة الاحوال الشخصية وفق شروط محددة في الوقفة, واما بخصوص كيفية الصرف على صيانة وادارة العتبة وملحقاتها فانها تكون من واجبات المديرية المذكورة ايضا, وكذلك تطرق القانون الى كيفية صرف رواتب الموظفين والمستخدمين والسدانة والنفقات اللازمة الاخرى.

واستنادا الى المادة(9) من قانون اداراة العتبات المقدسة رقم(25) لسنة 1966م(الملغي) صدر نظام العتبات المقدسة رقم(21)لسنة 1969م, وتضمن ثلاثون مادة وأورد تعريفا للعتبات المقدسة, والسادن والخدم في الاماكن المقدسة يخضعون الى قواعد الخدمة, وقانون انضباط موظفي الدولة في كل ما لم يرد فيه نص في القوانين الخاصة بالاماكن المقدسة.

وما يتعلق بالنسبة للمواد الواردة في دستور عام 1970م(الملغي) المتعلقة بالاماكن المقدسة , والتي تعد العتبة الحسينية المقدسة احدى هذه الاماكن, فأنها جاءت مماثلة لما ورد في الدساتير السابقة.

لكن يلاحظ ان ما جاء من نص في الدستور المذكور على ان (حرية الاديان والمعتقدات, وكون ممارسة الشعائر الدينية مكفولة, على ان لا تنافي النظام العام والآداب العامة), لم يكن مطبقا على ارض الواقع, اذا كان النظام القائم حينذاك يصدر الأوامر والتعليمات بمنع ممارسة الشعائر الدينية سواء كانت في العتبات المقدسة او خارجها, وهذا ما يخالف نصوص مواد الدستور المذكورة, وكذلك الحال فيما يتعلق بحرية الرأي والنشر والاجتماع والتظاهر.

وبين نظام ادارة الاوقاف رقم(44) لسنة 1970م, ان مديرية العتبات المقدسة جزء من ديوان الاوقاف, الذي يعد رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى لهذا الديوان, ويكون مسؤولاً عن كافة شؤونه , والمشرف على تنفيذ القوانين والانظمة, وان المديرية المذكورة تتولى شؤون موظفي العتبات المقدسة, من السدانة والمستخدمين وحفظ أضابيرهم, وملاحظة دوامهم وانضباطهم, وصيانة العتبة وتطبيق التعليمات الصادرة بخصوصها.

وبين نظام وزارة الاوقاف رقم(8) لسنة 1977م بأن مديرية إدارة العتبات المقدسة جزءاً من ديوان الأوقاف, وأن مديرية إدارة العتبات المقدسة تتولى إدارة المقدسات الإسلامية بما فيها اضرحة ومقامات الانبياء والاولياء والائمة, ودور الرعاية الخيرية, والاهتمام بها وتوسعتها وصيانتها ورقابتها.

واستناداً الى احكام الفقرة(أ) من المادة (42) من الدستور المؤقت لعام 1970م, صدر قانون وزارة الأوقاف والشؤون الدينية رقم(50) لسنة 1981م, وبين ان من ضمن مهام الوزارة المذكورة, رعاية شؤون المقدسات الدينية وتنظيم إدارتها وصيانتها.