نحن أَولى بها

صباح الطالقاني

خبران يفصل بين مصدريهما آلاف الأميال، الأول" وضعت كلية القانون بأشهر الجامعات الأميركية "هارفارد" الآية رقم 135 من سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ..) على حائط المدخل الرئيسي للكلية ووصفت الآية بأنها "أعظم عبارات العدالة في العالم والتاريخ".

الخبر الثاني" نشرت وزارة البيئة الألمانية حديثاً للنبي محمد صلى الله عليه وآله، على لافتات الطرق العامة باللغة الألمانية جاء فيه "تبسّمكَ في وجه أخيك صدقة".

من هذا يتبين أن الغربيين وجدوا ضالّتهم في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لإرشاد مواطنيهم إلى سلوكيات إيجابية، من أجل تحقيق أهداف إنسانية واقتصادية بمظهر اجتماعي حضاري.

ورغم سروري -كأي مسلم- للجوء المجتمع الغربي إلى الآيات المباركة وفضائل النبوة من أحاديث وإرشادات، وما تعكسه هذه المبادرات من طريقة مبتكرة للتعرف على مبادئ الإسلام بصورة صحيحة، واعترافاً بتأثير القرآن الكريم والأحاديث النبوية في حسن الخُلق وصنع الحياة الإنسانية الكريمة ونشر العدل والرحمة بين الناس، إلا أنني عدتُ أتساءل هل أن واقعنا- كمجتمعات إسلامية- يعتمد هذه المعطيات العظيمة في مسارات الحياة اليومية؟ وهل يكفي أن نفتخر بأن مبادئنا أصبحت معتمدة لدى باقي الأمم وننسى أنفسنا؟

فهذا واقعنا يفيد بأن وَقع الحياة المادية والمصالح الضيقة وتأثير التيارات الغريبة أصبح هو الغالب على صفات مجتمعاتنا كمسلمين، بل تعدى ذلك بأن تحولت هذه المجتمعات إلى فرق وطوائف تتناحر فيما بينها متناسية ما جاء به نبي الرحمة صلى الله عليه وآله من آيات مباركة وأحاديث شريفة وفضائل.

من هنا ندعو كل مهتم للمساهمة في صناعة حياة إنسانية حرة كريمة تتصف بالعدل والإنصاف والسمات الاجتماعية المتحضرة، لنشر فضائل القرآن والنبوة والإمامة في أروقة العمل والأماكن العامة وفي البيت وفي كل مكان، ردعاً للصفات السيئة التي أخذت تطغى على تعاملاتنا اليومية شيئا فشيئاً.

وندعو أيضاً منظمات المجتمع المدني ودوائر البلديات لأن تأخذ دورها في تذكير الناس بهذه الفضائل، من خلال لافتات وعلامات مميزة توضع في أماكن مُختارة بعناية، على مبدأ الآية الكريمة (وذكِّر فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين) بدلاً من هذه الفوضى التي تعم المدن من اللافتات والعلامات (الشخصية والفئوية) التي توضع دون أدنى مراعاة للنظام والذوق العام. ولا يفوتنا أيضا أن ندعو دوائر البلديات لوضع ضوابط خاصة لنصب العلامات واللافتات عموماً، وأن لا تبقى هذه المسألة فوضوية على الشكل الذي هي عليه الآن.

================

المصدر: مجلة الروضة الحسينية / العدد 61