الثورة الحسينية والأهداف الإنسانية

عبد الرّحمن اللاّمي

حوار الحضارات ومخاطبة الإنسانية كان السمة الأبرز في الدين الإسلامي، ثمّ جاءتْ الثورة الحسينية لتقدّم القرابين الغالية على أرض كربلاء من أجل إدامة هذه المفاهيم السامية، فالنهضة الحسينية هي الملهمة لنفوس المستضعفين على مدار التاريخ، وهي شعار كلّ الحركات التحرريّة، وناقوس الخطر لكلّ العروش والأنظمة المستكبرة.

إنّ أهداف الثورة الحسينية تجاوزتْ الخصوصيات الطائفية والعرقية بل خاطبتْ الفضاء الإنساني الأرحب وضمير البشرية الحرّ، الذي جبله الله (تبارك وتعالى) على رفض الظلم، وانتهاك الحرمات.

إنّ نهضة الحسين (عليه السلام) كانت نهضة حضارية شاملة، تتمحور حول خلاص الإنسان من قيد العبودية لغير الله -عزّ وجلّ- وتحقيق كرامته وإنسانيّته، وإعادة حقوقه المغتصبة، وتوفير حريته الممتهنة من قبل الأنظمة الدكتاتورية، التي ارتدتْ ثوب القداسة، فشوّهتْ صورة القيم الإلهية، والمنظومة التشريعية الإسلامية التي شاء الله -تبارك وتعالى- من خلالها قيام حياة حرة كريمة، تسود فيها العدالة الإلهية في الأرض، وتتكافأ فيها الفرص، لبني الإنسان، وتستبعد فيها حالة استعباد الإنسان للإنسان، وليسود فيها الشرع، والقانون الإلهي فحسب.

ومع التقدّم التقني والتطوّر المعلوماتي، وصيرورة العالم قرية صغيرة، تحتّم على المتصدّين للتعريف بالنهضة الحسينية ونشر أهدافها أن يواكبوا المسيرة، وأن يستغلّوا هذا التقدّم الهائل في وسائل الإعلام بجميع أقسامه.

إنّ الملحمة الإلهية التي حدثت فصولها على أرض الطفّ رسّختْ المفاهيم الإسلامية الرافضة للظلم والاستبداد في أذهان عامة المسلمين، وأثارت النَفَسَ الثوريّ ضدّ الحيف والفساد في البشريّة جمعاء، ولا غرابة في الأمر لأنها الثورة المتصلة بالسماء، فالحسين -عليه السلام- هو الامتداد الطبيعيّ للنبوّة الخاتمة، وهو يستمدّ النور من الشعلة المحمدية الوضّاءة التي أضاءت الكون بوهج العزّة والكرامة والعلم والمعرفة.

لقد كانت نهضة الحسين (عليه السلام) تطبيقاً لبنود الإسلام وعملاً بقوانين القرآن الكريم، فمن هنا يتوجب علينا أن تكون خطانا إثر خطاه -عليه السلام-، وأن نسعى لتطبيق أحكام الإسلام في كلّ مكان من العالم، من خلال إقامة الندوات الفكرية وإحياء الشعائر والمراسيم الحسينية، التي حفظت لنا روح التشيّع  والتمسك بالقرآن والعترة الطاهرة -عليهم السلام-