فلنتشاور..

محمد حسين العميدي

من منا لا يرغب أن يكون رأيه حصيفا سديدا رشيدا بعيدا عن الهزل والعشوائية والخواء!؟

من منا لا يرغب أن يسير في واحة غناء، يستضيء من خلالها بنور الهدى والرشاد والسعادة، ويستنشق منها عبير النجاح والبركة والتوفيق، ويتوارى عن العطب والعجز والجهالة، ويحذر من الانزلاق في وحل الخيبة والندامة، ويسعى دائما لكي يتحرر من أسار الشقاء والوحشة، ويدأب جاهدا على أن لا ينحدر نحو المخاطرة والهلاك!؟

من منا لا يرغب أن يكون مجتمعه مجتمعا تسوده العدالة، ويكون منبتا لإظهار الكفاءات ومرتعا للتقدم نحو الرخاء والرفاه، بعيدا عن الظلم وغمط الحقوق، وبعيدا عن تولد الآفات الضارة المتمثلة بالمتملقين والمتزلفين، الذين لا يجلبون على الأمة سوى الويلات والدمار والضياع!؟

وأخيرا وليس آخرا من منا لا يرغب ببيئة صالحة، وحضارة وضاءة وخير وارف في الدنيا والآخرة، بموجبه يرقى الإنسان سلم التقدم والكمال، ويدع وراءه موجبات الشر والضلال والعصيان!؟ 

هذا هو الخط البياني الفاصل بين المجتمع الاستشاري والانفرادي- إذا صح التعبير- ومن الطبيعي أن من أهم وأبرز مقومات الدولة الحضارية، هي الروح الاستشارية، وإذا ما عبق أريج هذه الروح في الأمة، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة، فإنها ترتقي سلم النهوض على كافة المستويات، وتكون الأخطار المحدقة بها أقل بكثير لو قارناها بالأمة التي تتخذ قراراتها بشكل منفرد.

فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش في أجواء بعيدة عن مبدأ التعاون والتناصر والتعاضد، أن نأخذ بناصية التشاور، لتحلق بنا في سماء النجاة والصفاء والزهو والاعتلاء، وتدلنا على سبل الخير والرفاه، وتنتشلنا من مهاوي الاستبداد، الذي لا يجلب إلى الأمة سوى الدمار والفتك والتخلف والتقهقر والانتكاس.

================ 

المصدر: مجلة الروضة الحسينية/ العدد17