وجعل الرحمن للمؤمنين ودّاَ

المرحوم: صالح ابراهيم الرفيعي

قال تعالى في كتابه الكريم ( ان الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودامريم /96)

روى محب الدين احمد بن الطبري في (ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى) بسنده عن ابن عباس انه قال: نزلت هذه الاية في علي ابن ابي طالب (جعل الله لهُ ودا في قلوب المؤمنين / الطبري الشافعي ج1/ص89 واخرج الامام ابو عبد الله شمس الدين الذهبي في تذكرته عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال لعلي (عليه السلام) لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق 9 صحيح مسلم كتاب الايمان 1/61.

ويقابل ذلك دعاء الامام زين العابدين (عليه السلام) في الصحيفة السجادية (اللهم يا من خص محمدا واله بالكرامة , وحباهم بالرسالة , وخصصهم بالوسيلة , وجعلهم ورثة الانبياء وختم بهم الاوصياء والائمة , وعلمهم علم ما كان وعلم ما بقي ( وجعل افئدة من الناس تهوي اليهم) . فصل على محمد واله الطاهرين , وافعل بنا ماانت اهله في الدين والدنيا والاخرة انك على كل شيء قدير .

ان هذا الود العظيم ثابت لامير المؤمنين (عليه السلام ) واولاده في قلوب المسلمين عامة وشيعته خاصة حيث أن هوى نفوسهم الايماني بود أهل البيت لمجرد ذكرهم فهي نفحات ربانية لمودتهم حباهم الله بها لانهم مختارون من قبل الله تعالى مصطفون ومكانتهم جعل إلهي وليس انتخابا او اختيارا من بشر فنهجهم صائب دائما قد وضع الحلول للمسلمين في الدنيا والاخرة .

وعلى اولياء الامور من السياسيين ان يعتبروا بما وضعه الامام علي امير المؤمنين (عليه السلام) في العهد المكتوب لمالك الاستر حينما ولاه مصر خاصة مامطلوب من حكام المسلمين من توفير العدالة والحق والاقتصاد والادارة وتوفير الخيرات التي خولهم الله جل وعلا للعباد والحفاظ عليها وحث الناس على الكسب الحلال بالعمل والمثابرة وليعتبر اولو الامر والمجتمع كافة بما قدمه الحسين(عليه السلام) من نكران الذات وقدم التضحيات والفداء من اجل تطبيق مبادئ العدل والانصاف والاصلاح بعدما انحرف الحكام الجائرون عن مبادئ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهجه الاسلامي الصحيح.

فاذا ماوضعوا اهداف الحسين (عليه السلام) امامهم امكنهم تحقيق العدالة والانصاف واعطاء المحرومين والمستضعفين حقوقهم والسعي لتوفير العدالة فيما بينهم . لان المحرومين سيرفعون اياديهم حينذاك ليدعون بالخير لمن وفر لهم العدل والكرامة . ويتوسلون الى الله تعالى بالائمة الاطهار الذين تهفو قلوبهم نحوهم دائما لانهم رموز الايمان والوسيلة المشفعة عند الله تعالى في دنيا المظلومية وهضم الحقوق .

فالمسلمون يرون ان افضل من يحقق العدالة والانصاف هم اهل البيت بتوصية من جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما قال: ( تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي  اهل بيتي ما ان تمسكتم  بهما لن تضلوا ابدا حتى يردا علي الحوض ). لانهم مخلصون مصطفون وان الرحمن جل وعلا عندما جعل الود والمحبة لآل البيت جميعهم إنما اعطى للمسلمين عامة حكاما ورعية ان ينهلوا من هذا الود ويتوسّلوا به اليه لينالوا من خلاله ألطافه وكرمه عليهم في  الدنيا والاخرة ولأن الائمة الاطهار سفن النجاة التي تحط بهم آخر المطاف في جنان الخلد التي هي اكرم مقاما وخير مصير.

ولا ننسى ان نربي اجيالنا وشبابنا على مودة اهل البيت وحبهم والالتزام بالتعاليم الربانية لتأكيد الثبات على القيم الانسانية والمبادئ الحقة للرسالة المحمدية والمفاهيم السامية التي ثبّتها امير المؤمنين علي بن ابي طالب واولاده (عليهم السلام) ارتباطا بجدهم رسول الانسانية محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لانهم من نور واحد.

المصدر: مجلة الروضة الحسينية، العدد47