في يومهِ العالمي.. ليكُن التسامُح شعارُنا

صباح الطالقاني

السلام عليكم، بهذه الجملة تبدأ لقاءات المسلمين فيما بينهم ومع غيرهم، وهي تعني فيما تعنيه ان الذي يُلقي هذه التحية يبغي للناس التسامح والخير والسلام..

والتسامح ليس ثقافة دينية فحسب انما هو ثقافة انسانية تتوافق مع فطرة كل انسان، حيث يولد الفرد منّا دون أن يختار انه سيكون من هذا الدين او ذاك المذهب او تلك الطائفة، وبالتالي فإنه يناقض نفسه اذا انتقد أحدا من ديانة أخرى، انما هي الثقافة التي يكتسبها الانسان من خلال تربيته وما يحيط به من عادات وتقاليد وظروف ستحدد لاحقاً نظرته للمجتمع ونظرة المجتمع له.

في القرآن الكريم هناك العديد من المصاديق التي تؤكد احترام الانسان أياً كان، والخطاب عمومي لكل البشر في هذا الاتجاه بقوله تعالى (ولقد كرّمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيّبات، وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلاً).

وفي جانب موازِ فإن الله تعالى ينبّهنا الى اننا خلقٌ متنوع، وأمرَنا بالتعارف، مؤكداً إن المكرَّم من بيننا هو من يتّقِ الله، فقال (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). بل بيّن عز وجل انه يحبُّ الذين يسعون لِما بعد التعارف، وما بعد التقوى، مثل العفو عن الناس والتجاوز عن الإساءة، من خلال قوله (والكاظمينَ الغيظ والعافين عن الناس واللّهُ يحبُّ المُحسنين).

وعلى ذلك فإنه لا يحق لأحد أن يلغي وجود الآخر، او يعنّفه أو يحاربه لمجرد الاختلاف في الرأي والدين والعِرق، ومصداق هذه الفكرة قول الباري (لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي).

وفي زحمة هذا الجريان الفكري المنحرف والسيل العارم من محاولات تشويه الاسلام من قبل بعض الذين ينتمون اليه والذين لا ينتمون، ليس لنا إلا أن ننهض ونتعاون بكل قوة في مجالات الفكر والثقافة وترسيخ مفاهيم السلام، في سبيل تحقيق هدفين، أولهما نفي هذه الصورة السيئة التي يحاول البعض الصاقها بهذا الدين الحنيف المتسامح..

والهدف الآخر تثبيت معاني الانسانية التي يحملها الاسلام وفق ما جاء في القرآن الكريم وسنّة النبي محمد صلى الله عليه واله ومبادئ أئمة أهل البيت عليهم السلام التي طرحوها قولاً وفعلاً، وأورثوها لنا ثقافةً يجب أن نسعى لنشرها في أقاصي الارض، كونها تتفق تماماً مع فطرة الانسان ومع كل ما جاء في الأديان السماوية.

الإمام علي عليه السلام وهو ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وآله وزوج ابنته ووصيّه من بعده، يقول في وصف نظرة الإنسان للآخَر وما يجب أن تكون عليه من الود والاحترام (الناس صِنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

لذا فليكن التسامح شعارنا.