التطوع في الدول العربية بين خدمة المجتمع وغياب التنظيم

حنان الزعبي

يلعب العمل التطوعي دور كبير في تطور المجتمعات وبنائها، من خلال ما ينشره من قيم إيجابية كالاحترام ومساعدة الآخرين، بالإضافة إلى التماسك الاجتماعي بين الأفراد والاستثمار الفعّال للوقت، وغرس مفهوم التعاون والانتماء.

حيث يعود العمل التطوعي بمختلف مجالاته سواء كان مادياً أم معنوياً على الفرد المتطوع بالكثير من الفوائد، أهمها اكتساب الخبرة نتيجة التعامل مع نماذج وشرائح مختلفة من الأفراد وتطوير مهاراته، بالإضافة إلى بعض الآثار النفسية كإشباع الإحساس بالنجاح وتحقيق الذات.

وللتنشئة الاجتماعية دور هام في نشر ثقافة التطوع في المجتمع، فالأعمال التطوعية التي يقوم بها الطلاب في المدارس كحملات التنظيف والتزيين وما شابه، جميعها تعزّز هذه الثقافة لدى الأطفال وتكرّس لديهم حب المجتمع والانتماء إليه، وبالتالي الإسهام في أي عمل تطوعي يهدف للحفاظ عليه.

وينتشر العمل التطوعي بشكل كبير في مجتمعاتنا العربية، وبحسب تقرير إحصائي صادر عن "مؤسسة غالوب" الأميركية المتخصصة، حول مدى اهتمام المواطنين بالأعمال التطوعية والخيرية في 140 بلداً، احتل العرب الصدارة بين الجنسيات التي تظهر استعداداً لمساعدة غريب، رغم الإمكانيات المحدودة في الكثير من البلدان العربية، حيث نالت ليبيا نسبة 79%.

ويعتبر التطوع اليوم أحد أهم مؤشرات التنمية في البلدان، وتزيد نسبته في أوقات الكوارث والحروب والنكبات، ففي سورية على سبيل المثال انتشرت الفرق التطوعية بشكل كبير في فترة الحرب، وكان عملها يتمحور حول مساعدة المتضررين والنازحين داخل البلاد، بالإضافة إلى الفرق التطوعية التي اهتمت بتطوير مهارات الأشخاص، مثل فريق مشروع أكشن في دمشق، الذي يقدم مجموعة واسعة من الدورات التدريبية المجانية للأشخاص المحتاجين وغير الحائزين على شهادة جامعية.

وتؤكد "رؤى عليقة" المنسقة الإعلامية للفريق" ان ‏أكشن مشروع تنموي تطوعي مجاني تم تأسيسه عام 2016، يهدف إلى مساعدة العاطلين عن العمل وغير الأكاديميين على تعلم مهنة محددة عبر منحة مجانية، حيث يقدم أكشن عدة دورات منها الحلاقة ‏الرجالية والنسائية، والتكييف والتبريد، ‏والسوفت وير، وإعداد باريستا وغيرها".

ولكن، هناك مجموعة من المشكلات والتحديات تواجه العمل التطوعي في العالم العربي، أبرزها الحاجة إلى أنظمة رسمية تؤطر العمل التطوعي، وتشجع عليه وتكفل حقوق الجميع، وكذلك على المجتمع العربي أن ينظر إلى العمل التطوعي على أنه عمل له أخلاقيات ومبادئ وأسس، ويجب أن يتم بدرجة التزام واحترافية عالية، بالإضافة إلى ضرورة إعداد البرامج والأنشطة الواضحة ووجود الإدارة الجيدة.

وفي محاولة لتجاوز هذه المشكلات ظهر ما يسمى "عالم التطوع العربي" كمبادرة بجهود فردية وبالاستفادة من انتشار الانترنت ووسائل التواصل الالكترونية، حيث أسس عام 2006 بهدف نشر ثقافة العمل التطوعي، وإبراز دورها في التنمية الشاملة للمجتمعات العربية، عبر الإسهام في تطوير الأعمال التطوعية وتنظيمها وتوجيهها، والتفاعل مع الاحتياجات التطوعية والأحداث والطوارئ والكوارث الإنسانية، وهو منتشر  في عدد من الدول العربية عبر أندية "عالم التطوع العربي" في مصر والسودان واليمن والكويت والإمارات وغيرها.

ويمكننا القول أن نجاح العمل التطوعي يتطلب وجود عوامل مثل التخطيط الجيد للمؤسسات التي تقوم على هذا العمل، ووضوح الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، وتوفر الإمكانات البشرية والمادية، وتدريب وتأهيل المتطوعين من أجل إنجاز الأعمال التطوعية بالمستوى المطلوب.