في ذكراها الثلاثون.. (الانتفاضة الشعبانية) تحت مجهر الصحافة العالمية

ترجمة ومتابعة: حيدر المنكوشي

تطرقت وكالات وصحف عالمية عديدة الى انتفاضة الشعب العراقي في شتاء عام 1991 بما يعرف (الانتفاضة الشعبانية) ضد نظام الديكتاتور صدام وكيف حررَ الثوار في الجنوب العديد من المحافظات العراقية، وكيف سمحت القوات الامريكية لصدام بالتقاط أنفاسه ومعاودة تجميع قوات الحرس واستخدام نظام الطاغية للطائرات والدبابات في سحق تلك الثورة، وقتل عشرات الآلاف من العراقيين، وقصف المدن المقدسة، وتدمير قرى وبلدات بأكملها من اجل استعادة قبضته على البلاد.

صحيفة (Independent) البريطانية

تحدث الكاتب في صحيفة (Independent) البريطانية باترك كوكبرن عن زيارته بعد الانتفاضة الشعبانية قائلاً: كنتُ في العراق في نيسان/ أبريل 1991 عندما سحقت قوات الأمن الحكومية الانتفاضة الشيعية ضد نظام صدام حسين، فقتلت عشرات الآلاف ودفنت جثثهم في حفر. كنت قد طُردت من العراق إلى الأردن في بداية التمرد في آذار وقد سُمح لي فيما بعد بالعودة، لأن صدام أراد أن يثبت للعالم أنه عاد إلى الحكم من جديد.

ومع عدد من الصحفيين تم اصطحابنا لرؤية آية الله العظمى الخوئي، الزعيم الروحي ذو النفوذ الكبير للشيعة في العراق والعالم، والذي كان محتجزًا في منزل في الكوفة جنوب العراق.

وكان يستلقي على الأريكة وعمره 92 عامًا، محاطًا بأفراد الأمن العراقيين الذين كانوا يأملون في إدانته للتمرد.

وقد سألته عما فكر به، ظننت أنه ولعدة دقائق لم يسمع سؤالي، لكن بعد ذلك، تحدث بصوت منخفض، فقال: "ما حدث في النجف ومدن أخرى غير مسموح به ولا يرضى به الله".

كانت كلماته غامضة بشكل متعمد، لكن لم يكن لدي أدنى شك في أنه كان يتحدث عن الانتقام البشع الذي تمارسه الوحدات العسكرية الموالية لصدام، وقتل الرجال والنساء والأطفال الشيعة بغض النظر عما إذا كانوا قد شاركوا في الانتفاضة أم لا.

وقد وقفت قوات التحالف جانباً بينما دمرت دبابات ومروحيات صدام المدن الشيعية مثل كربلاء والنجف والبصرة، ثم بدأت عمليات الإعدام الجماعي."

وكالة (War History Online)

وتزامناً مع التغطيات المستمرة في ذلك الوقت للانتفاضة الشعبانية ضد نظام صدام، ذكرَ الكاتب جورج ونستون في مقال بعنوان (في محاولة لإسقاط صدام.. ذكرى الانتفاضة الشيعية والكردية عام 1991) في وكالة(War History Online) :

"بعد فترة وجيزة من حرب الخليج التي دارت في شهر آب من عام 1990 ألقى الرئيس الأمريكي خطابًا، قائلًا" يجب على الشعب العراقي أن يضع صدام جانباً.." هذه الكلمات أخذت من قبل بعض الثائرين من الشعب العراقي كدليل على أنهم سيحصلون على دعم أمريكي في حالة حدوث انتفاضة ولكنه قد حدث العكس.

بدأ الشيعة في جنوب العراق والأكراد في الشمال يقاتلون من أجل  كسب حقوقهم واحتجاجا على الفظائع الجائرة والقسوة التي مورست ضدهم لسنوات عديدة.

لقد تعرضوا للاختفاء والاغتيالات، والإعدام العشوائي والمجازر واسعة النطاق، والاغتصاب والتعذيب واستخدام الأسلحة الكيميائية بعد أن سيطروا على قرابة 14 محافظة عراقية من مجموع 18.

تمكّن صدام حسين من إعادة تجميع قواته وباستخدام عدد كبير من الدبابات التي تم إنقاذها من حرب الخليج وقد سمح له باستخدام الطائرات المسلحة لأغراض عسكرية والهليكوبتر.."

صحيفة (The Washington Post)

صحيفة (The Washington Post) بدورها وصفت ثورة 1991 بالشبح، وجاءت مقالة الكاتب بيتر غالبريث بعنوان (اشباح 1991) موضحاً الدور الأمريكي في خذلان الانتفاضة الشعبانية بعد دعوة رئيس الولايات المتحدة بوش بالتحرر من قيود الديكتاتورية:

"على الرغم من أن بوش قد دعا إلى الخروج على النظام الديكتاتوري، إلا أن إدارته كانت غير مستعدة عندما حدث ذلك. لم تكن الإدارة تعلم الكثير عن أولئك الموجودين في المعارضة العراقية لأنها رفضت التحدث معهم وفي الواقع أن الإدارة الأمريكية كانت تفضل استمرار نظام البعث (وإن كان بدون صدام حسين) على نجاح الثورة. وكما أخبرني أحد مسؤولي مجلس الأمن القومي في ذلك الوقت: "سياستنا هي التخلص من صدام، وليس نظامه".

جاء التعبير العملي عن هذه السياسة في القرارات التي اتخذها الجيش على الأرض. رفض القادة الأمريكيون نداء الثوار طلباً للمساعدة. سمحت الولايات المتحدة للعراق بإرسال وحدات من الحرس الجمهوري إلى المدن الجنوبية وطائرات هليكوبتر حربية. (هذا على الرغم من الحظر المفروض على الرحلات الجوية، الذي أوضحه الجنرال نورمان شوارزكوف: "سوف تموت ان حلقت في الجو".) كانت العواقب مدمرة. قامت قوات  صدام حسين بتسوية المراكز التاريخية للمحافظات الشيعية، وقصفت الأضرحة الشيعية المقدسة وأعدمت الآلاف في الحال. حسب بعض التقديرات، 100.000 شخص لقوا حتفهم في أعمال القتل الانتقامية بين شهر اذار وشهر ايلول 1991م. ارتكبت العديد من هذه الفظائع على مقربة من القوات الأمريكية، الذين كانوا يتلقون أوامر بعدم التدخل.

قُتل  بعدها حوالي 100 رجل دين شيعي، بينهم أربعة من كبار آيات الله. وقد ادى تجفيف الأهوار إلى نزوح 400.000 انسان من أهوار العرب، مما أدى إلى تدمير ثقافة تعد واحدة من أقدم المناطق والمسطحات المائية في العالم، فضلاً عن إلحاق أضرار بيئية هائلة.

وكالة (The Huffpost)

ونشرت وكالة (The Huffpost)   مقالاً كتبه مركز الدراسات والتحليلات السياسية الامريكية بعنوان (انتفاضة 1991- الفرصة الضائعة) جاء فيه :

"سيطر الثوار الأكراد في الشمال والمتظاهرين الشيعة في الجنوب على 14 محافظة من محافظات العراق البالغ عددها 18 محافظة ومع ذلك  لم يتمكنوا من اسقاط النظام الديكتاتوري بسبب الخذلان الأمريكي للانتفاضة التي ادت الى تعرض الشيعة والأكراد للهجوم من قبل طائرات الهليكوبتر والدبابات التابعة للجيش العراقي.

في النهاية، قُتل مئات الآلاف من المحتجين والمتمردين عندما استعادت قوات صدام السيطرة على الشمال والجنوب ، وفقدت الولايات المتحدة فرصة لإزاحة نظامه عن السلطة .

وخلال عملية استكشاف لإحدى المقابر الجماعية لضحايا انتفاضة عام 1991 والتي ضمّت 13 شخصاً قرب مدينة النجف، تطرقت وكالة (Reuters) لأحداث الثورة الشعبانية موضحة: انتفض الشعب في جنوب العراق الذي تقطنه أغلبية شيعية، وبدأ تمرّد متزامن في المناطق الكردية في الشمال، بشكل عفوي في مارس 1991 بعد أن هزم التحالف بقيادة الولايات المتحدة جيش صدام في الكويت.

سيطر الثوار على العديد من المدن في الجنوب ولكن، تم قتل عشرات الآلاف من الذين ثاروا ضد صدام، في هجوم مضاد باستخدام الدبابات والمروحيات، ومات آخرون في السجن..."