مرجعية الأستاذ الأعظم مرتضى الانصاري/الحلقة الأولى

 

الآية الكبرى الشيخ مرتضى بن محمد أمين الانصاري (ت 1281 هـ) والانصاري نسبة الى الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري (ت 73 هـ).

هو المرجع الأعلى الذي نص عليه الشيخ الأكبر صاحب الجواهر ومطور الدراسة في الحوزة العلمية في النجف الاشرف، ومثال الزهد والورع والتواضع، وربيب القداسة والانابة.

ولد في (دسبول) ونشأ بها، ولم يذكر تأريخ  ولادته، وترعرع بين أحضان أبيه، وكان من العلماء الأجلاء, درس المقدمات وأكملها اتقاناً، والمقدمات في اصطلاح  الحوزة العلمية أو المراد بها عند الحوزة: النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان، والفقه الفتوائي ثم درس الفقه الاستدلالي والأصول العالية.

هاجر ـ بصحبة والده الى كربلاء فألتقى السيد محمد المجاهد، وحضر بحثه العالي، وكان قد تناول موضوع الجمعة وجوباً  أو حرمة في عصر الغيبة، فأفاض  الشيخ الانصاري بما عنده وهو في العقد الثاني من العمر، وعرض للمسألة سلباً وإيجاباً وأعطى أدلة الحرمة وأدلة الوجوب، فأعجب به السيد المجاهد، وطلب الى أبيه إبقاء ولده في كربلاء، فأمتثل الأب لأمر السيد، فبقي الانصاري في كربلاء. 

وحضر في دروسه عند كل من السيد المجاهد وشريف العلماء، فأفاد منهما افادة تامة، وقد حالت الاضطرابات السياسية دون بقائه مستمراً في كربلاء على أثر أحداث (داود باشا) فغادرها الى الكاظمية مع طلبة العلم.

ثم سافر الى بلده (دزفول) وعاد الى كربلاء بعد سنتين ملازماً زعيم الحوزة العلمية آنذاك (شريف العلماء المازندراني) ثم غادرها الى النجف الاشرف وحضر بحث الفقيه الشيخ موسى بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء المصلح بين الدولتين وبعد رحلات عديدة بين خراسان وبروجرد، وأصفهان ، وكاشان، وخراسان ثانية ودزفول عزم على مغادرة بلده الى النجف الاشرف عام (1249 هـ).

كانت السفرات والتنقل بين حواضر العلم، قد أكسبته خبرة وشهرة، ففي أصفهان التقى مرجعها الاعلى آنذاك حجة الاسلام السيد محمد باقر الشفتي وتباحث كثيراً معه، فأعجب السيد بعلمه واستعداده الفطري، وقابلياته المؤهلة له نحو الاجتهاد المطلق، وفي كاشان التقى المولى أحمد بن مهدي النراقي الفقيه العرفاني، وتدارس معه الفقه والاصول، وقد حضر بحثه أربع سنوات متتابعة فأفاد منه افادة تامة، وأجازه بالاجتهاد، وأجاز بالرواية عن أساتيذه قراءة وسماعاً حتى الاتصال بالمعصومين(عليهم السلام) ولقد قال عنه أستاذه النراقي هذا: لقد شاهدت في جميع أسفاري أكثر من خمسين مجتهداً مسلم الاجتهاد، ولم أر أحداً منهم كالشيخ الأنصاري في غزارة علمه وكثرة فضله  وطول باعه.

مغادرته الى النجف

كان الشيخ الأنصاري في سياحته وتجواله بين البلدان والتقاء العلماء الأعلام والدراسة لديهم من باب المقدمة للاستقرار في النجف الاشرف، وأخذ العلم من منابعه الأولى عند مدينة باب مدينة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عام (1249 هـ)كما أسلفنا.

في النجف الاشرف درس على الشيخ كاشف الغطاء خمس سنوات حتى وفاته عام (1254 هـ) كما درس عند الشيخ صاحب الجواهر في هذه الحقبة، ولكنه أختص به  تماماً بعد وفاة كاشف الغطاء، فأفاد من علمه وفقهه بما تحدثت به الركبان، وكان خاتمة أساتيذه الموسوعيين، وكان يجلس في بحثه آخر المجلس المعد للتدريس ــ ويحتمل أن يكون مسجد الطوسي لإقامته الصلاة فيه؛  وبعد لم يبين مسجد الجواهري ــ ابتعادا عن الشهرة. وعلى هذا  فأساتيذه في سياحته وأسفاره وجولاته والنجف كالآتي

1ـ الشيخ حسين الانصاري/ في المقدمات والسطوح في دسبول.  

2ـ السيد محمد المجاهد بن السيد علي صاحب الرياض (ت 1242 هـ) في كربلاء.

3ـ شريف العلماء المازندراني (ت 1245 هـ) في كربلاء

4ـ المولى أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي/ في كاشان.

5ـ حجة الإسلام الشفتي في أصفهان/ لاحتمال أنه درس عنده في سياحته العلمية.

6ـ الشيخ موسى بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء/ في النجف الاشرف.

7ـ الشيخ علي كاشف الغطاء (ت 1254 هـ) في النجف الأشرف.

8ـ الشيخ الأكبر صاحب الجواهر (ت 1266 هـ) في النجف الاشرف.

وهؤلاء جهابذة العلم، ومن على منابرهم  تلألأ كوكب الشيخ الانصاري فغمرت أشعته العيون، وأكب على العلم حتى بلغ أسنى المراتب.

وقد أجيز بالرواية من قبل كل من:

  • السيد صدر الدين الموسوي الكاظمي العاملي، جد الأسرة العريقة (آل الصدر). 
  • المولى الشيخ أحمد بن محمد مهدي النراقي.
  • الفقيه الشيخ محمد سعيد القراجة داغي/ وهو من تلامذة الوحيد وبحر العلوم.

 والالتزام مع هؤلاء الأساتيذ ومواصلة الدرس والبحث والتنقيب معهم، مضافاً الى التوفيق الإلهي من جهة، والاستعداد العلمي من جهة أخرى، أقول: كل أولئك التي جعلت الشيخ محمد حسن الجواهري (صاحب الجواهر) أن ينص على مرجعية الشيخ الانصاري مع وجود مئات المجتهدين في عصره بالنجف الاشرف والحواضر العلمية الاخرى فقد استدعاه عند مرضه فحضر فخاطب الجمع من العلماء قائلاً(هذا مرجعكم من بعدي) ثم خاطب الملا مرتضى: (قلل من احتياطاتك يا شيخ فالشريعة سهلة سمحة) وكان الملا مرتضى آنذاك يدعى بها ــ كثير الاحتياط.  

المصدر: المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف مسيرة ألف عام للأستاذ الأول المتمرس في جامعة الكوفة الدكتور محمد حسين علي الصغير