سجين الرأي

لينا وهب 

لم يكن في زمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان ولم يكن هناك قضاء حر مستقل وقوي، وإن كان فلا ريب كان ليكون المحامي مُستضعف كما حالنا اليوم في الدفاع عن المظلوم والمطالبة بمحاربة الظلم والفساد ومواجهة الظالمين والفاسدين والمنافقين.

فليتَ للمادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص على "الحقّ في حريّة التعبير التي تشمل البحث عن واستقبال وإرسال معلومات وأفكار عبر أي وسيط وبغضّ النظر عن الحدود" صلاحية إنصاف رجل ظُلم وحبس من حاكم ظالم لعقود، بسبب التعبير عن رأيه وتأثيره بشكل ديمقراطي بين الناس؛ وليتَ للمادة 13 منه" تتّخذ كلّ دولة طرف تدابير مناسبة، ضمن حدود إمكاناتها ووفقًا للمبادئ الأساسيّة لقانونها الداخلي لتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهلي والمنظّمات غير الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المحلّي، على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته ولإذكاء الناس فيما يتعلّق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثّله من خطر. وينبغي تدعيم هذه المشاركة بتدابير مثل احترام وتعزيز وحماية حريّة التماس المعلومات المتعلّقة بالفساد وتلقّيها ونشرها وتعميمها". اعتبار لعدم تشويه حركة ذلك الرجل النبيلة في محاربة الفساد وسعيه نحو إعطاء كل ذي حقٍ حقه بالكلمة الطيبة ومن دون سلاح غيرها.

وليتَ لنسبه الشريف، سبط من الأسباط، من آل بيت الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم شفاعة للحؤول دون ما جرى عليه من المظالم والتنقل بين السجون وهو صائم في النهار قائم في الليل، وعلى مرأى عيون السجانين الذين لا غنى لهم عن كراماته في قضاء حوائجهم وعلى مرأى عين سجانه هارون العباسي الذي اعترف للتاريخ بأن موسى ابن جعفر الكاظم هو راهب بني هاشم، لكثرة تعبّده والانقطاع إلى الله (ليس لأنه راهب حقًا حيث "لا رهبانية في الاسلام" بحسب قول النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم). 

فأي ظلم وقع ولا قضاء قوي يُتكأ عليه، والعباد حالهم، على ذلك، منهم المستضعف الذي لا يملك حيلة في محاربة الظلم والفساد والطغاة، ومنهم البائع نفسه لصاحب النفوذ والنقود؛ وبين أولئك وهؤلاء جدير بذلك الرجل الشجاع موسى ابن جعفر الكاظم عليه صلوات الله وسلامه، أن يكون قدوة تدّرس في كليات الحقوق وأن يكرّم في الباحات الجامعية بلوحات تعريفية لأرقى نموذج مؤثر في مجتمع زمانه، من حيث التعبير عن الرأي والانضباطية في السلوك والحركة، واداء التكليف والرسالة بما فيها من محاربة للفساد.