لا للغفلة

يحيى الفتلاوي

ان التطور التكنولوجي الكبير الذي شهده العالم في عصرنا الحاضر قد أعطى للاعلام بجميع تفرعاته وقنواته المرئية والمقروءة والمسموعة بعدا هاما في احداث التحولات والتغيرات على جميع المستويات الثقافية والاقتصادية والسياسية..الخ.
كما كان له الاثر البالغ في خلق قناعات ومعتقدات وتمرير رسائل معينة الى الناس، فضلا عن مساهمته الفاعلة في تقريب وجهات النظر وتبادل المعلومات بين بني البشر عموما مما ادى الى التعرف على ثقافات الشعوب المختلفة وخلق علاقات وتواصل بينها.
وفي اطارنا الاسلامي شهد الاعلام على وجه الخصوص ظهور تيارات وحركات أضرت بالقضية الاسلامية وهي تتمتع بخصائص مادية وبشرية هائلة واهداف توسعية فضلا عن أن بعضها كانت تدعمه اجندات خارجية جلّ اهدافها محاربة الاسلام وتشويه صورته لدى العالم واحداث ردة فعل معاكسة ضده مما سيؤدي في نهاية الامر الى النفور من الاسلام ومن المسلمين بسبب تلك التصورات التي تم بناؤها على اساس ما بثته تلك الجهات الاعلامية.
وان العالم الغربي أصبح بعد ظهور بعض الحركات والتيارات والافكار اللااسلامية يحمل للاسلام قناعتين أولهما عدم قبوله ركنا من المنظومة الدينية التي يعترفون بها، ومن أهم أسباب ذلك نقص المعلومات المتوفرة لديهم عنه، أو بسبب ضعف الدعاة اليه هناك، حيث كانت اطراف الدعوة هناك الى أمد قريب لا تعدو عن بعض الجهات التي لم تعرف من الاسلام إلا قشوره، ولم تدرك من اهدافه ووسائله في تحقيقها إلا العنف والإجبار.
وإن أغرب ما يمكن الاستغراب منه هنا هو ذلك النفور الذي تولد عند الكثير من الغربيين من الانصات الى آراء ومعتقدات الأطراف الاسلامية الاخرى، والتي تحاول جهدها ان تكشف الحقائق وتبين الاخطاء التي اقترفتها تلك الجهات اللااسلامية، وتعريفهم بالاسلام الحقيقي وبيان جوهره واخلاقه ومبادئه، وما يسعى الى تحقيقه من خير لكل البشرية على السواء وليس لمعتنقي الاسلام فحسب. 
وأما القناعة الثانية فهي تلك الصورة التي بات الجميع يعرفها والمتمثلة بدعاة القتل والارهاب من مدعي الاسلام المجندين لغرض تحقيق مرام  خارجية قديمة وجديدة للقضاء على الاسلام، والتي ولدت عند البعض تلك الصبغة الدموية للاسلام حتى أصبح كل من يمت الى الاسلام بصلة عبارة عن وحش خليّ من أدنى صفات الانسانية.
 وكم هو مؤلم مشاهدة القنوات الاعلامية لتلك الجهات اللااسلامية تعيش حالة السيطرة على الساحة وتبث سمومها كيفما شاءت وأنى شاءت، ولا تجد إلا منافسة ضعيفة ضئيلة، لا تزال تحبو، وتعاني من ضعف الامكانات المادية وقصور التجارب العملية عندها.
 وما أشد وطأة الحال حينما نجد لدى بعض مفكرينا قصورا في الرؤى بعيدة المدى، إضافة الى عدم نضج فكري لدى  البعض الآخر حول ضرورة استعمال المنظومة الاعلامية وإشراكها بفاعلية في تحقيق الاهداف.
وهكذا.. بات المطلوب اليوم من جميع الاطراف المعنية بالشأن الاسلامي والتي تروم تنقية الاسلام ممّا ألصق به والوصول به الى ما يصبو اليه، حث الخطى وتوحيد الرؤى وبذل الجهد والجهيد في سبيل ذلك الهدف، وعدم التكاسل أو التماهل والغفلة لحظة واحدة عن ذلك.