تحذيرات من الطرق الماكرة لجذب الشباب الى فخ المخدرات

صباح الطالقاني

- هناك خلل مجتمعي يسبب مثل هذه الظواهر وتناميها وهو فقدان الاهتمام والاعتناء بالمشاكل والتحديات التي نمرّ بها

- لابد من وجود قوة ردع في القانون تكفي لردع المتاجِرين عن ممارسة هذه الظاهرة

في كل مناسبة تشير توجيهات المرجعية الدينية العليا الى اهمية التصدي لظاهرة المخدرات، وقد اوضح ممثل المرجعية الدينية لأكثر من مرة الخطوات المهمة والمطلوبة والضرورية في هذا الشأن.

 فقد أكد الشيخ الكربلائي في خطبة الجمعة بتاريخ 5-7-2019م على" ضرورة الانتباه الى هذه المسألة التي بدأت تُستخدم في الفترة الاخيرة بطريقة ماكرة وخادعة وجاذبة للشباب والشابات لإيقاعهم في فخ التعاطي للمخدرات، حيث نجد هناك وسائل متعددة لغسيل الدماغ لدى الشباب والشابات، وهذه الوسائل تستخدم أساليب ماكرة وخادعة وهي جاذبة في نفس الوقت لهؤلاء الشباب، فكيف ذلك؟!

المُخادع لا يأتي الى الشباب بالعنوان الواضح فهذه مواد مخدرة وهي مواد قاتلة وضارة جداً بل يأتي اليه من باب آخر وهو استعمال الحبوب المخدرة، ويبين لهُ ان هذه الحبوب تؤدي الى حالة من التهدئة وتعالج حالة الاضطراب والقلق النفسي لدى الشاب والشابة وتعالج لديه هذا الحالات النفسية التي يمرّ بها، فهو يأتيه ويجره بهذا العنوان ويبدأ يتعاطى هذه الحبوب ثم بعد ذلك حينما وقع في الفخ ويتأثّر بتعاطي هذه الحبوب جَرَّهُ شيئاً فشيئاً الى تعاطي المواد الأكثر ضرراً وخطراً..

ان هذه الوسائل التي كثرت لا يوجد في مقابلها وسائل تحمي عقول الشباب وأفكارهم من هذا التلويث الذي يحصل، لذلك علينا حينما تأتي الاخبار من مسؤولين معنيين في تنامي هذه الظاهرة الخطيرة جداً فهذا يستدعي مزيد الاهتمام ووضع وسائل العلاج السريعة والفاعلة من اجل صيانة وحفظ هؤلاء الشباب من الوقوع في مخاطر هذه الظاهرة.."

وأكد ممثل المرجعية العليا" نحن لسنا بصدد بيان الاسباب والآثار الضارة لهذه الظاهرة بقدر ما يعنينا تنبيه الجهات المعنية والمجتمعية بضرورة الالتفات الى خطورة هذه الظاهرة ووضع العلاجات السريعة لإيقاف تناميها وسرعة انتشارها ولذا نذكر هنا بعض الخطوات المطلوبة عسى ان تكون نافعة في هذا المجال:

اولاً: نحتاج الى وجود رادع قانوني وعقابي صارم، يكفي في الحد من سرعة انتشار هذه الظاهرة، فكما يذكر ذلك عدد من المسؤولين، اول شيء ربما في مرحلة الاحكام في اطار القانون او تطبيق هذه الاحكام القانونية هناك ضعف وهناك عدم كفاية في ردع هذه الأحكام للمجرمين، وهناك الكثير ممن يتاجروا بهذه المواد بسبب الجشع والطمع بالمال وسرعة التحصيل عليه يتجرأ في نشر هذه الظاهرة، ولابد ان يكون هناك قوة ردع في القانون بحيث تكفي لردعه عن ممارسة هذه الظاهرة.

الشيء الثاني، ربما في مرحلة التطبيق وهذا ما نجده بمجرد ان هذا المُدان بجريمة التعاطي يُحكم عليه حتى يجد باباً قريباً يفلت منهُ من العقاب من خلال احكام العفو المتكررة، بمجرد ان يثبت عليه ويُدان ويُحكم عليه حتى وجدَ باباً قريباً فتح لهُ وفلتَ من العقاب، هذه المرحلة الثانية التي تُضعف القانون في التأثير الرادع.

الأمر الثالث، كما يفيد ممثل المرجعية الدينية، ان بعض الذين يتاجرون بهذه المواد بسبب علاقاتهم مع متنفذين في الدولة يستطيعوا أن يفلتوا بسرعة من العقوبات المجعولة لهم في القانون، لذلك لا يكون القانون فيه قوة ردع ومنع كافية لهؤلاء الذين يتاجرون بحيث تخف هذه الظاهرة وتُعالج بنسبة ما.

ثانياً: الحاجة الشديدة الى ملء الفراغ لدى الشباب، فهناك احياناً فراغ قاتل ولا يستطيع هؤلاء الشباب بما لديهم من طاقة وحيوية أن يُفرغوا طاقاتهم في امور مفيدة، فهم بحاجة الى برامج تنموية وبرامج ترفيهية يمكن ان تبنيهم بناءً عقلياً ونفسياً وفكرياً صحيحاً يملؤوا من خلاله اوقات الفراغ، او كذلك احياناً الحالات النفسية التي تحصل لدى البعض من الشباب بسبب عدم وجود فرصة عمل او مشاكل اجتماعية يريد ان يهرب منها فتدفعهُ لأن يلجأ الى هذا الطريق الخطير والمهلك ليهرب من هذا الواقع المرير الذي يعيشه.

ثالثاً: العلاج الثالث والمهم والذي يعنينا جميعاً هو الحاجة الى التوعية المجتمعية والاهتمام الكافي لمعالجة مثل هذه الظواهر، ابتداءً من الاسرة الى المدرسة والى الجامعة والى الاعلام وغيرها التي يجب ان تلقى منها اهتماماً بالقدر الكافي..

وكشف الشيخ الكربلائي عن" وجود خلل مجتمعي يسبب لدينا مثل هذه الظواهر وتناميها وهذا حتى على مستوى الأسر والمدارس والجامعات وهو فقدان حالة التوازن في الاعتناء بالمشاكل والتحديات التي نمرّ بها، فمثلا المشكلة السياسية والتحدي السياسي ينال قسطهُ من المناقشات والمجادلات ووضع الحلول والعلاج، والتحدي الامني ينال استحقاقه وهذا مطلوب، ولكن التحدي الاخلاقي والتربوي والقيمي في المجتمع لا ينال استحقاقه من الاهتمام والعناية ووضع العلاجات لهُ.

أن الاسلام أعطى كنظام عمل لكل مشاكل وتحديات الحياة حقّها من العناية والعلاج، حتى المجتمعات المتطورة في العالم أعطت لكل تحديات ومشاكل الحياة حقها من العناية في كل مكان في الاسرة والجامعة وفي مؤسسات الدولة.. ولكن نحنُ فقدنا حالة التوازن في الاهتمام المطلوب، مثلا الاسرة والمدرسة تُعطي للطالب وللشاب حقهُ بالتعليم الاكاديمي ولكن لا تعطي حقهُ من المتابعة والتربية على القيم والاخلاق والمبادئ، وضَعف هذا الجانب ادّى الى وقوع الشباب والطلبة في مشاكل اخلاقية وقيمية وتربوية.. لذلك علينا ابتداءً من المدرسة وكما تهتم بتفوق الطلبة وهذا شيء جيد، عليها ان تهتم بنفس المقدار بتربية أبنائها وتخلقّهم بالأخلاق الحسنة.."

نحن لدينا طاقات شابة جيدة لها حرقة القلب على مجتمعها وشباب أمتها، نحتاج من هؤلاء الشباب ان يُعطوا شيئاً من طاقاتهم وكفاءاتهم في هذا المجال وينبهوا الى هذه المبادئ والقيم للمجتمع ويحذروا من هذه المخاطر.."

وختم ممثل المرجعية العليا بالتنبيه من" تنامي ظاهرة انتشار بعض مراكز الفساد خصوصاً في العاصمة بغداد حيث ان بعض هذه المراكز تُعنون نفسها بعناوين مقبولة اجتماعياً وعناوين صحيّة وتنموية وترفيهية وغير ذلك، ولكن هي في حقيقتها تستبطن إفساد المجتمع.."

ولذلك نحتاج من مؤسسات الدولة المعنية أن تتنبه وتضع بعض هذه المراكز تحت المراقبة والمعاينة وتحقِّق وتتبيّن من حقيقة نشاط هذه المراكز التي أخذت تُفسد العناصر في المجتمع .